أتابع الأخبار على شاشات التلفزيون مكتئباً، أخفي عيناي عن من حولي، وأكتفي بمضغ الدموع حول الأحداث الجارية في مصر، شهداء جدد، ينضمون لقائمة تطول وكأنها لن تنتهي، ارواح تحولت بفعل فاعل، إلى ارقام، مجرد أرقام لدينا، وخلف كل رقم حكاية ألم، وأهالي واقارب يعانون فقدان الإبن والزوج والحبيب.
يتسلل أحمد سبع الليل إلى رأسي، يملأ الشاشة من أمامي، أرى الفنان أحمد زكي وهو يؤدي دور جندي الأمن المركزي الجاهل المخدوع في نصف الفيلم الأول في ملحمة البريء، أتذكر كيف قتل الثائر الكاتب رشاد عويس والذي ادى دوره الفنان الراحل صلاح قابيل، وكيف اكتفى الراحل العظيم عاطف الطيب بصوت لهاث أحمد زكي في المشهد، في تصوير حقيقي لكلب يطيع أوامر سيده دون تفكير.
أتذكر كيف حصل أحمد سبع الليل على مكافأة قائده العقيد توفيق شركس الذي أدى دوره الفنان محمود عبدالعزيز، وكيف عاد إلى بيته في إجازة فخوراً بنفسه، وبأنه يقتل أعداء الوطن، ويحارب على الجبهة، بينما الرفاق في القرية مازالوا جالسين على المصاطب، لا يعلمون شيئاً.
لا أدرى لماذا عندما تذكرت عودته ولقاءه بأمه، التي أدت دورها الفنانة ناهد سمير وجدت تلك الكلمات تنساب على لساني
لما تروح ياد منك ليه.. أحضن امك جامد وسط الدار... واضحك واملا بلدكوا سعادة... ما انت بتضرب في الثوار... فنجر واصرف كده من جيبك... مكافأة سيدك خليت بيتك يبقى عمار... وانسى زمان ايام الأرض وحني الوسط عشان الزرعة الطالعة تدي ثمار... ولم الزرع الشيطاني اللي بياكل خير الأرض وتبقى بوار.....شاطر ياد....انسى كمان إنك بني آدم... ولازم تاخد مرة قرار...وأسأل طوب الأرض يا فاهم... اخص عليك يا ابن الأرض ... جبت لنفسك خزي وعار...
قبل أن يوقظني من خيالي دخول حسين وهدان والذي أدى دوره الفنان ممدوح عبدالعليم إلى الشاشة، وأتذكر كيف حاول سبع الليل أن يقنع قائده أن حسين ليس من أعداء الوطن، وكيف ادرك في لحظات رغم قدراته البسيطة، أن عدو الوطن من يقتل افضل ابنائه.
ويموت حسين وهدان على الشاشة، لأنه لم يصل حتى الآن للواقع، ويبقى احمد سبع الليل موجوداً طيلة الزمن، نراه يومياً على شاشات الفضائيات، يضرب وقتل ويطارد.
أحمد سبع الليل سينتهي ولكن ليس بنهاية الفيلم، حين قرر الإنتقام وفتح النار، سينتهي عندما تشرق الشمس على بر مصر، وتختفي الأمية، ويذوب الجهل والتخلف.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق