04‏/04‏/2011

سلفيو اليوم ..... خوارج الأمس!!


التقى الجيشان على أرض المعركة، على بن أبي طالب يقود جيش الحق، ليطالب معاوية بن أبي سفيان الذي يقود الجيش الآخر بالبيعة، والاعتراف بخلافة على بن ابي طالب وإمارته على المسلمين، ويلوح النصر لجيش الحق، حين كان الحق يبذل أخر محاولاته للإنتصار، حين كان مواطناً وليس غريبا طريدا.
يشير عمرو بن العاص لمعاوية برفع القرآن على آسنة الرماح والمطالبة بتحكيمه، إنقاذا لجيش يتمزق وينهزم، فيرفع جيش معاوية المصحف، وتخرج فئة من جيش علي لتجبره على قبول التحكيم، يرفض الامام أولا ثم يضطر للموافقة، وترفض نفس الفئة نتيجة التحكيم الذي قبله علي بن ابي طالب إيمانا بالعهد، ولا تكتفي برفض النتيجة بل تذهب إلى تكفير رابع الخلفاء الراشدين وأحد العشرة المبشرين بالجنة، والطريف أن تلك الفئة التي باعت جيش الحق قد كفرت علي وحاربته بعد ذلك في عدة معارك منها معركة "النهروان" ومعركة "الدسكرة" وغفرت لمعاوية وعمرو، واتخذت لنفسها منهجا وشريعة خاصة، ليعرف فجر الاسلام اول فرقه باسم "الخوارج".
قبل أن تخرج بعد ذلك على الدولة الأموية وتثور ضدها عدة مرات.
وقد قال فيهم رسول الله في حديث ذكره صحيح البخاري : أنه قيل للصحابي الجليل سهل بن حنيف الأنصاري رضي الله عنه: هل سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول في الخوارج شيئا؟ قال: سمعته يقول، وأهوى بيده قبل العراق: يخرج منه قوم يقرؤون القرآن، لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الإسلام مروق السهم من الرَمِيّة.
وهم الذين حدد الامام على بن ابي طالب معاملتهم بقوله " .. إلا إن لكم عندي ثلاث خلال ما كنتم معنا : لن نمنعكم مساجد الله، ولا نمنعكم فيئا ما كانت أيديكم مع أيدينا، ولا نقاتلكم حتى تقاتلونا "
وهم يشبهون تماما فرقة السلفيين في هذا العصر، الذين خرجوا الأن عن ثورتنا ليطالبونا بالاستماع إليهم بل والانقياد لهم، وإلا كفرونا تماما كما كفر الخوارج كل من خالفهم، وكما باع الخوارج جيش الحق يوما يبيع السلفيون هذه الأيام ثورة الحق في بر مصر لمصلحتهم الشخصية، فيطالبون بالعجيب والغريب من أحكامهم المتشددة التي استوردوها من "الوهابية" في أرض الحجاز ليفرضوا علينا إسلاما ليس لنا، ورحمه الله الامام الشافعي عندما غير منهجه بالكامل ما بين العراق ومصر لان ما يصح في بغداد لا يصح في المحروسة ولا ينطبق، وهذه الميزة المطلقة للدين الاسلامي بصلاحيته لكل العصور والاقاليم.
وكما انشق الخوارج وحاربوا الطوائف وحاولوا تمزيق الدولة الاسلامية، ينقض هذا الفصيل الوهابي من السلفيين الان على الأضرحة وعلى الاقباط لينكلوا بهم ويحرقون مقابر المسلمين محدثين بهذا سابقة ليس لها أي اثر في السلف.
الخوارج يخونون الحق، ويحكمون بما أرادوا، والجناح الوهابي في زمرة السلفيين يخونون الحق ويحكمون بما يريده شيوخ الصحراء الذين قال فيهم يوما الامام الغزالي " اخشى ما أخشاه على الاسلام شيوخ الصحراء" .
أعزائي سلفيو هذا العصر الذين حرموا الخروج على الحاكم في مصر يوما، وحرموا التظاهر يوماً أخر، ثم احتفلوا بنجاح الثورة، قبل أن يحرموا التظاهر في المملكة العربية السعودية - حسب فتوي شيخهم محمد حسان - وكأن الريشة التي على رأس الملك عبدالله تمنحه الحق في الحكم دون إصلاح، وكأنه أفضل من سيدنا عمر بن الخطاب الذي قال له الصحابة يوما " إن أخطأت قومناك بحد السيف".
الخوارج ظنوا يوم خرجوا أنهم سيدخلون الجنة وحدهم، كذلك وهابيو السلفيين يعتقدون أن الجنة حكراً عليهم.
وتبقى في النهاية شهادة أحد شيوخهم عليهم الشيخ "بن باز" الذي قال : بعض تصرفاتهمقلة فهم ؛ لأنهم ما فهموا السنة ولا عرفوها كما ينبغي ، وإنما تحملهم الحماسه والغيرة لإزالة المنكر على أن يقعوا فيما يخالف الشرع كما وقعت الخوارج والمعتزلة ، حملهم حب نصر الحق أو الغيرة للحق ، حملهم ذلك على أن وقعوا في الباطل حتى كفروا المسلمين بالمعاصي كما فعلت الخوارج ، أو خلدوهم في النار بالمعاصي كما تفعل المعتزلة .
ويبقى الفارق الوحيد أن الخوارج خرجوا على كل حكام عصرهم، بينما اتبع السلفيون كل حكام عصرهم مهما كان فسادهم وطغيانهم، حتى قامت الثورة.
حسبي الله ونعم الوكيل فيكم يا خوارج العصر.