26‏/01‏/2014

أرشيفي السينمائي : فيلم «هير»: في كراهية الوحدة


"هناك سبب أخر للإرتجاف غير الخوف والبرد....هو الوحدة"
انتشرت وسائل التواصل الإجتماعي ووسائل الإتصال وتطور العلم كثيرا في هذا المجال لكن بتأثير عكسي، حيث زادت وحدة البشر وانفصالهم عن بعضهم البعض، توحد البعض امام شاشات حاسباته، ودخل البعض في علاقات غرامية وهمية هربا من الوحدة وإليها، وعندما عادوا منها، عادوا يحملون جروحا بلا سبب حقيقي يهون عليهم ألامهم.
قدم المخرج والمؤلف سبايك جونز تلك الفكرة في فيلمه الجديد Her ولكن بطريقة أكثر تطورا، حيث يدخل بطله المطلق والذي يستعد لتوقيع أوراق طلاقه في علاقة غرامية مع نظام تشغيل تم اعداده خصيصا للقضاء على الوحدة بوجود صديق إلكتروني يلبي النداء وقت الحاجة إليه.
وبخيال غير محدود قام جونز بتوفير كل الطقس المناسب لتلك العلاقة الغريبة التي تنتهي بمفاجأة غير متوقعة، صانعا أحد أعظم أفلام هذا العام، وهو فيلمه الروائي الطويل الرابع بعد Where the Wild Things Are، وAdaptation، وBeing John Malkovich، حيث يحلق كما اعتاد دائما خارج السرب بأفكار طازجة للغاية.
سبايك جونز طرح كل رعب الوحدة التي تعاني منها البشرية في 126 دقيقة قادرة على إصابة المشاهد بالإرتجاف.
****
"وحيداً لا تلوك ذكرياتك، ستجعلك أكثر ألماً، الذكريات شوك فراش الوحدة"
يعاني بطل الفيلم الذي يعمل في موقع إلكتروني لكتابة الرسائل بين الناس غير القادرين على التعبير عن مشاعرهم من وحدة مؤلمة عقب انفصاله عن المرأة التي أحبها، وتجبره ظروف عمله على الانغماس في مشاعر بشر لا يعرفهم ولا يعرفونه، على الرغم من امتداد العلاقة بينه وبينهم لأعوام، ويجد نفسه غير قادرا عن التعبير عن مشاعره هو إلا عبر وسيط، وهو ما يدفعه دفعا لتلك العلاقة مع نظام التشغيل الذي اشتراه من أحد المعارض، ليتخلص به من كل هواجس الوحدة وألمها.
وهو ما جسده خواكين فينيكس ببراعة مبهرة بدء من "كاركتر" الشخصية وشكلها وطبيعتها الكئيبة التي تبدو ابتسامتها دائما غريبة عن وجهها، ونجح في تشخيص كل ملامح الوحدة واثرها على الإنسان .
خواكين كان يستحق الترشح لجائزة أفضل ممثل في "أوسكار" لكن هوليوود لا تحبه...فلتبق وحيدا وانسى تلك الذكرى المؤلمة أيها الفنان العظيم.
****
"الوحدة تجبرنا أحياناً على ممارسة ما لا نطيق، هرباً منها"
ظل "ثيودور" بطل الفيلم خجلانا من علاقته الغريبة بنظام التشغيل الذي يتحدث بصوت أنثوي، والذي وقع في غرامه، حتى اكتشف أن صديقته المقربة ايمي والتي لعبت دورها ايمي أدامز على علاقة بنظام مماثل، وحين اكتشف خيانة هذا النظام قبل نهاية الفيلم، كان سبايك جونز يقدم مجموعة من البشر وهي تصعد سلم ما وكل منها مشغول بالحدث مع نظامه، غير ملتفت لمن حوله.
تبشير الفيلم بالوحدة حقيقة مؤلمة، وخوفا من الوحدة يرتكب كلا مننا جرما يؤذي نفسه.
****
"ابتسم عندما تحدث نفسك ولا يجيبك أحد، أصرخ بأعلى صوت لديك لا تخجل و تخشى شيئاً، انفعل ..ارقص..أغضب..غني..مت....أنت وحدك لا تهم أحد ولن يسأل عليك أحد."
مع طوفان المدنية الصناعية التي يستعرضها مخرج الفيلم عبر زجاج غرفة نوم بطل فيلمه، أو حتى من شباك القطار أثناء سفره، وازدياد وحدة البشر، كان بطله يحاول اقتناص المتع الوهمية عبر غرف المحادثة، حيث يصنع كل وحيد عالمه بعيدا عن واقعه، حتى محاولته الوحيدة خلال أحداث الفيلم لإقامة علاقة حقيقة باءت بالفشل نتيجة خوفه من تحمل المسئولية.
تبدو الوحدة حلا لطيفا للهروب من تحمل المسئولية، وأنت وحدك تستطيع فعل كل شيء لا أدنى خسائر إلا نفسك.
****
"شكراً لصناع التليفزيون والتكييف والإنترنت وتلك الأريكة المريحة...أدوات الوحدة اللعينة."
يمكننا أن نضيف على كل مساعدات الوحدة نظام التشغيل الذي قامت بأداءه الصوتي سكارليت جوهانسون ببراعة مدهشة، الذي من أجله استمتع بطل الفيلم بوحدته حتى رحل، واكتشف نفسه وخطأه في النهاية بصحبة صديقته المقربة.
فيلم Her فيلم موجع للغاية، خاصة عندما تنتابك بعض الأحاسيس التي مر بها البطل خلال أحداثه، وعندما تصف أحداث الفيلم أحداثا تشبه حياتنا جميعا أمام نوافذ فيسبوك وتويتر وانستجرام وغيرها، وأمام كل هذا الزحام الذي لا يشعر فيه أحد بالأخر، حتى جلسات الاصدقاء التي يبقى كلا منهم فيها مشغولا بهاتفه أو حاسبه.
فيلم Her  صرخة مرعبة لهذا العالم القميء حتى لا يستسلم لوحدته.

أرشيفي السينمائي : «أمريكان هاستل»: مباريات تمثيلية عظيمة فقط لاغير

"الناس يعتقدون ما يريدون، هذه هي الطريقة التي يعمل بها العالم لا أبيض وأسود، رمادي دائما"
تلك العبارة هي أعظم ما في فيلم "american hustle"، الذي يتناول قصة فضيحة سياسية في أوخر سبعينيات القرن الماضي، عندما نجح ضابط "إف بي آي" بمعاونة نصاب محترف في اسقاط مجموعة من أعضاء الكونجرس الأمريكي وعمدة مدينة بتهمة الفساد والرشوة.
وربما يثير الفيلم الذي أخرجه ديفيد راسل وكتبه معه ايريك وارين سنجر الدهشة من الضجة المثارة حوله وترشيحه لجائزة الأوسكار والفوز بجوائز في الجولدن جلوب لكونه فيلم متوسط المستوى، يعاني من بعض المشاكل في السيناريو الذي اعتمد للغاية على بناء الشخصيات دون التركيز على الخط الدرامي الرئيسي للفيلم وكذلك الحبكة بوجه عام، والمدهش أن تلك المشكلة ظهرت بوضوح نتيجة المبارايات التمثيلية الجانبية المدهشة بين ابطال الفيلم، والتي خلقت حالة خاصة في كل مشهد، اختلفت حسب مستوى الممثلين في كل مرة وهو ما لا يصب في صالح مخرج العمل، الذي بدا مشغولا بالاحتفاء بموسيقى الجاز في تلك الفترة أكثر منه اهتماما بالفيلم ذاته.
لكن تبقى تلك الشخصيات الرمادية شديدة الإنسانية التي لا تعتبر البشر ملائكة أو شياطينا بل يحملون هذا المزيج الإنساني من الخير والشر هي أهم ما في الفيلم، حيث أدى كريستيان بايل شخصية المحتال العاشق الذي يحب ابنه بالتبني، والذي اضطر لخدعة ضابط المباحث الفيدرالية من أجل تخفيف الحكم على صديقه الذي تعرف إليه خلال العملية واعترافه لهذا الصديق وفقدان صداقته للأبد، في أحد اروع أدوار بايل الذي يبقى مرشحا قويا لأوسكار أحسن ممثل على الرغم من "مكياج" عزت العلايلي الذي يظهر به خلال الفيلم.
وتعود إيمي أدامز لتضرب من جديد بدور المحتالة العاشقة التي تصيبها الغيرة بالجنون، في دور متميز للغاية خاصة تلك المشاهد المشتركة بينها وبين بايل والمشهد الوحيد بينها وبين المبهرة جنيفر لورانس، تلك الممثلة التي تضيء الشاشة بمجرد ظهورها، والتي تؤدي دورا ثانيا في الفيلم تثبت من خلالها استعدادها لاحتلال القمة خلال سنوات قليلة، ويؤدي برادلي كوبر دورا لطيفا يتوارى قليلا أمام سطوع بقية نجوم الفيلم، لكن يبقى دور Jeremy Renner بطل افلام الحركة مثل "The Avengers " اكتشاف جديد لممثل قدير يثير على خطى الرائع جو بيتشي في دور العمدة "بوليتو".
وما بين مشهد خاص بين روبرت دي نيرو ضيف شرف الفيلم وكريستيان بايل، ومشهد أخر بين إيمي أدامز وجنيفر لورانس، وعدة مشاهد بين كريستيان بايل وإيمي أدامز، ومشهد أكثر من رائع لـ"بايل" يعترف لصديقه Jeremy Renner  بخيانته، بينما يطرده الأخير من البيت وهو يضربه، يستمتع المشاهد بوجبة تمثيلية دسمة للغاية لا يعيبها سوى اعتبارها جزر منفصلة داخل الشريط السينمائي.
ربما يشبه فيلم "american hustle" فيلم سكورسيزي الخالد "Goodfellas" في فكرة  الفيلم وكذلك حركة الكاميرا بسرعة من خلال المكاتب ، والمطاعم، والبيوت لمدير التصوير لينوس ساندجرين، لكنه يفتقد إلى تلك الروح التي يبثها سكورسيزي في مشاهده والتي لا تصيب المشاهد بالملل نهائيا، وكذلك الاهتمام الخاص بالخيوط الفرعية للقصة الدرامية والتي لم ينجح فيها "راسيل".
لكنه يبقى أحد أهم افلام 2013 التي ينبغي مشاهدتها في وجود كل تلك المباريات التمثيلية المذهلة فيه.

18‏/01‏/2014

أرشيفي السينمائي : فيلم «ذئب وول ستريت» .. 180 دقيقة من البهجة المأساوية

عادة ما يشعر المشاهد بالقلق قبل مشاهدة فيلم مدته 3 ساعات كاملة، يخشى الملل والإغراق في تفاصيل فرعية تشتت تركيزه وتقلل من استمتاعه بأحداث الفيلم، لكن أمام فيلم للمعلم صاحب الـ71 سنة مارتن سكورسيزي ينتصر تحدي الـ180 دقيقة على كل المخاوف، ويواصل المخرج العجوز صاحب "تاكسي" و"الثور الهائج" وكل أفلام العصابات الشهيرة مثل "Goodfellas "، "Gangs of New York "، و"The Departed " الخروج من عباءته وتقديم الجديد بصورة تثير الدهشة مع سنه، حيث نجح سكورسيزي منذ عامين في اقتحام عالم الـ3D بتقديم فيلم "Hugo " ببراعة حسده عليه حتى جيمس كاميرون المخرج المخترع، وفي فيلمه الجديد The Wolf of Wall Street يقتحم عالم السير الذاتية الذي قدمه من قبل في "The Aviator " ولكن هذه المرة بنكهة كوميدية صارخة، لا تشبه افلامه السابقة وبنجاح يحسده عليه أبرع مخرجي الكوميديا في العالم.
وفي فيلم يشبه قليلا فيلم الأخوين كوين "Big Lebowski" يقدم سكورسيزي السيرة الذاتية لذئب شارع المال والبورصة "جوردان بيلفورت" وبإيقاع صارخ وجنوني، ومشاهد غير متوقعة لهوايات بطل الفيلم الغريبة، وبعرض دقيق للتفاصيل القذرة لسوق المال الأمريكي وكذلك عالم إدمان المخدرات بكافة أنواعها، معطيا صورة نهائية مبهجة للمشاهد على الرغم من غرائبية أحداث الفيلم.
وبطاقم ممثلين تليفزيونيين مثل بطلة الفيلم الأسترالية "مارجوت روبي" وبعض أبطاله الثانويين مثل "بي .جا.بارين" و"جونا لوملي" ومع نجمه المفضل حاليا ليوناردو دي كابريو والنجم المتألث "جونا هيل"يعزف سكورسيزي ملحمة تمثيلية عفوية تليق تماما بقصة الفيلم وطبيعة شخصياتها النهمة الشرهه عاشقة المتعة المغرمة بالمال والمخدرات والنساء.
ويقدم "ليوناردو دي كابريو" أحسن ممثلي جيله على الإطلاق دورا من اروع أدواره - في الحقيقة هو يقدم دورا رائعا فيلما بعد فيلم - يستحق الحصول عليه على جائزة الكرة الذهبية، ويجعل جائزة الأوسكار تقترب للغاية من دولاب جوائزه، ويقدم من خلاله أحد اروع مشاهد الفيلم خاصة، وحياته الفنية  عامة، من خلال شلل دماغي مؤقت يجبره على الزحف من كابينة تليفون إلى سيارته وقيادتها إلى المنزل.
وبأداء ليس غريبا عليه، يتقمص النجم الأمريكي شخصية البطل الاصلي للسيرة الذاتية، يتحدث مثله وبنفس طريقته مستخدما نفس تعبيرات وجهه، وكأن عضلات وجهه يسيرة التحريك مثل يديه - من الضروري أن تشاهد فيديوهات صاحب القصة الحقيقي على "يوتيوب" - في محاكاة لم يسبقه فيها سوى ربة التمثيل "ميريل ستريب" حين قدمت دور الطاهية الشهيرة "جوليا" منذ عدة سنوات.
وخلال 180 دقيقة تلعب الموسيقى التصويرية دور الراوي بعد توظيفها بطريقة شديدة الذكاء لتعطي بعدا أخرا لأحداث الفيلم الصاخبة، لدرجة تكوينها صوتا جديدا لشريط الصوت موضحة المعنى والهدف من المشاهد التي تدق فيها.
فيلم "The Wolf of Wall Street" فيلم مختلف تماما لم يقدمه سكورسيزي من قبل، وكذلك كاشف بطريقة لم يعتدها الجمهور العربي، الذي اصر "بابا" الرقيب على قطع 40 دقيقة من أحداث الفيلم ليقدم لوحة سيريالية لأحداث الفيلم تاهت فيها المعاني بسبب القطع الجائر حرصا على الأخلاقيات العربية - احم احم - يكشف بشاعة رأس المال الأمريكي وامتهانه لكل القيم وتلك القوة الطاغية لرأس المال في مجتمع تأسس على عبادته، بنهاية منطقية وطبيعية بأن يظل البطل صاحب اللا مباديء موجودا على الساحة كأحد اشهر مدربي المبيعات في الولايات المتحدة التي تحترم صانعي المال أيا كاونا.
في الحقيقة صرنا كذلك أيضا لكن رقيبنا مازال خجلانا من عري الأجساد، سعيدا بعري الضمائر والنفوس.
فيلم The Wolf of Wall Street يستحق المشاهدة على شاشة جهاز بعيدا عن مقص الرقيب، قادرا على إصابتك بالبهجة رغم كل أحداثه في خلطة لا يضمنها لك إلا اسم "مارتن سكورسيزي".

أرشيفي الفني : «حيطة أمل مايلة».. وهبتنا الأمل

أن تسمع أغنية جميلة فأنت على موعد مع "طبطبة" روحانية تستحقها ارواحا تعاني في عالم لونته الدماء، وأن تحمل تلك الأغنية كل مقومات الأغنية الحقيقة في زمن انكسر فيه ظهر السلم الموسيقي، وتهاوت خطوط النوتة الخامسة تاركة الفراغات الاربعة بلا معنى، فأنت على موعد مع انتصار صغير في عام لم يكن به أية انتصارات.
وأن تكتشف تلك الأغنية بالصدفة البحتة على تليفون أحد أصدقائك المحمول، وتبحث عنها بعد ذلك عبر الإنترنت لتكتشف أن كاتبها محمد إبراهيم الشاعر الشاب الذي لم يتجاوز الـ21 من عمره، والذي يصدر ديوانه الأول خلال أيام بعنوان "فلوماستر أبيض"، والذي ينتمي إلى مدينة المحلة الكبرى، وملحنها وموزعها إسلام علي المطرب والملحن شاب أطلق منذ شهرين أغنيته الأولى بعنوان "بيرة"، وينتمي إلى مدينة طلخا في محافظة الدقهلية، ومطربتها هي زهراء محمد صاحبة الـ24 ربيعا بنت "نبروة" في محافظة الدقهلية خريجة الهندسة، فأنت على موعد أخر مع البهجة بعيدا عن مركزية القاهرة البغيضة.
الاصدقاء الثلاثة الذين جمعهم حب الموسيقى، وخارج أي إطار سوى عشق الفن الوحيد الذي يخاطب الروح مباشرة عبر الأذن، صنعوا أغنية "حيطة أمل مايلة" ليهبونا أمل حقيقي في جيل ثار فاتهموه بخراب البلد، وغنى فاتهموه بفساد الذوق، وكتب فاتهموه بالسطحية، في جيل مختلف، يعرف جيدا أن يضع قدميه، وكيف يرفع رأسه رغم كل المعوقات.
وبكلمات طازجة تماما، لشاعر تزيد موهبته أضعافا عن سنوات عمره، وبلحن يحمل موهبة ترك الحزن أثاره عليها، وصوت قادر على الغناء بالإنجليزية والفرنسية والإسبانية بنفس الإحساس يشبه ذلك الصباح الشتوي المشرق الدافيء الذي تحاول بعض الغيوم أن تهبه مكانا ظليلا لعشاق البرودة، قدم الثلاثي أغنيتهم الأولى، حاملة كل جمال التجارب الأولى من طهر ونقاء وبراءة.
وخلال 8 اشهر هي عمر تلك الأغنية تم الاستماع لها على موقع "يوتيوب" لما يزيد عن 100 الف مرة، وعلى موقع "ساوند كلاود" إلى ما يزيد عن نصف مليون مرة، محققة نجاح ربما لم يدر في خلد صناعها الذين فقط أحبوا ما يصنعون، فقدموا ما نحب،واسعدونا.
ويبقى الامل حيا في تلك الأرض في صدور شبابها، معلقا بأرواحهم، مواهبهم التي تستحق التنفس، والقادرة على إعادة البهجة التي هاجرت من بلادنا مرة أخرى لها، صدقوا ذلك الجيل وأطلقوا له الحرية الكاملة ليصنع فنه، ويختار طريقه، ويصنع حياته ولن تندمون.
*****

كلمات الأغنية
حيطة أمل

معلق روحه عـ الشماعه جنب الباب ..
وسايب باب ماضيه المُر متوارب
كعبه اللى دار فـ الدنيا لف وداب ..
ساب للحياه الحبل عـ الغارب !
ساند على حيطة أمل مايله
ماسك فـ إيدى من زمان كلمة " ياريت "
معجون بمية صبّها العفاريت
مجنون انا عايش بلا ليلى
عقرب فـ ساعة حيطه لدغ الوقت
لا عرفت انا إمتى وفين ..
وإزاى انا إتعلقت
بس المهم الحبل كان دايب
بلعب فـ دور الكل فيه عواجيز
الدنيا كازينو كبير ملوهش عزيز
كوتشينه كل ورقها كان " شايب "
عقرب فـ ساعة حيطه لدغ الوقت

أرشيفي الفني :أنور منسي «موتسارت» مصر معشوق «الكمان»

الأصل في الفن هو العشق، والفنان عاشق بطبعه، ربما هذا ما دفع العواد الأزهري المعروف عبد الوهاب منسي صاحب الكورال إلى السفر إلى العديد من الدول العربية، بحثا عن لقمة العيش متنقلاً من قلب لقلب في كل مدينة صدح فيها عوده وغنت فرقته، حتى وصل إلى القدس في نهاية عام 1919 ليلتقي بـ"الماظ" تلك الفتاة اليهودية ابنة أحد الحاخامات الذين يسكنون المدينة المقدسة، يستقر القلب الرحال وتجبره الظروف على الهروب بحبيبته التي رفض والدها زواجها من رجل يعمل فنانا ومسلما في ذات الوقت.
وفي بغداد عام 1920 أنجبا طفلهما الأول عبدالفتاح، وفي دمشق عام 1922 أنجبا طفلها الثاني أنور، وفي القاهرة وقبل أن يتعلم أنور نطق الكلام بطريقة سليمة كان على موعد يومي مع والده ليعزف في غرفته قبل النوم، حيث كان الأب عبدالوهاب منسي حريصا على أداء بروفاته الفردية داخل غرفة نوم ولديه الصغيرين، الذين ورثا القلب العاشق من والدهما والروح المغامرة من والدتهما والحرية وعشق الموسيقى من الإثنين.
وعندما لاحظ الأب نبوغ الابن في الموسيقى جعله يدرس الموسيقى العالمية عبر الدراسة الأكاديمية لآلة الكمان وهو في سن السادسة على يد العديد من الخبراء في مجال لموسيقى العالمية، فتعلم  أنور على يد مدرس فرنسي يدعى "موسيو ارمناك"، وظهرت علامات نبوغه مبكرًا، واستقطبه القصر الملكي لآداء العزف المنفرد وهو في العاشرة من عمره، وأطلقت عليه صحف القاهرة آنذاك “موزارت مصر”، تشبيهًا له بموهبة موزارت المبكّرة، كان الطفل اصغير يعود بعد كل حفلة في القصر الملكي في سيارة ملكية، حاملا مظروفا به 100 جنيه عام 1932.
وبعد 6 أعوام وعند بلوغه السادسة عشر كان أنور منسي اصغر عازف في فرقة أم كلثوم التي أسسها محمد القصبجي، لكن موهبته الفذة وروحه العاشقة للحرية ولتلك الالة الموسيقية الصغيرة التي استقرت ظاهريا على كتفه وفعليا في قلبه، واعتداده الشديد بكرامته، جعله يترك الفرقة غاضبا بعدما ذاب في "صولو" مع كمانه أثناء أداء الست لإحدى أغنياتها فما كان منها إلا أن نهرته أمام الجمهور والعازفين قائلة : ( ايدك معايا يامنسي ).
وفي منزله وعلى أنغام مقطوعات " باجانيني" التي عشقها فضل الشاب عدم العمل على أن يعتبره أي مطرب أيا كان حجمه مجرد عازف في فرقته، لكنه كان على موعد جديد مع محمد عبدالوهاب، الذي أدرك بذكائه المعتاد موهبة ذلك الفتي، واعتداده بنفسه، فأقنعه على العمل معه، وأسند إليه تلحين مقدمة أغنية "النهر الخالد"

كما أسند له مقدمة أغنية "أنشودة الفن"

http://www.youtube.com/watch?v=A6rlG36CK8U 
http://www.youtube.com/watch?v=BYc1_Ijkg_0 

وفي أغنية "ماليش أمل" التي غنتها ليلى مراد في فيلم "غزل البنات"، اتفق عبدالوهاب تقدير لعازفه المفضل مع أنوروجدي مخرج الفيلم أن تبدأ الأغنية بعزف أنور منسي، وأن يكون العازف الفنان خلال الأغنية ظاهرا خلف ليلى مراد في الشاشة.

http://www.youtube.com/watch?v=N1HZvPhFok0 
بعدها أصبح أنور منسي "صولويست" لكل الفنانين الكبار وصديق لهم مثل أم كلثوم التي تصالح معها ومحمد عبد الوهاب ومحمد فوزي فريد الأطرش، وخلال 12 عاما صار العازف الشاب أهم عازف كمان مصري، ونجح رغم اتهامه بحكم آلته وتعليمه بالانتماء للموسيقى الغربية في دمجها بالموسيقى العربية، وصبغ تلك الآلة الغربية الكلاسيكية بالموسيقى الشرقية وتقاسيمها ومقاماتها.
تزوج من المطربة صباح لمدة 4 سنوات، وأنجب ابنته هويدا عام 1952 ، لكنه سقط من فوق حصانه في سفح الهرم وتوفى على الفور وهو في سن التاسعة والثلاثين، قبل أن يكمل مشواره الفني، كأحد ابناء الموت الذين تركوا بصمتهم في هذا العالم رغما عن عمرهم القصير.


أرشيفي السينمائي : «أحمد زكي» للتشخيص رب يحميه..المشخصاتي يصنع دولته

دولة القانون :

ضابط شريف يعمل في مباحث الأداب، فشل في حياته لانه أحب عمله، وفشل في عمله لأنه لا يحب القانون، يعتبره عقيما يحمي الفاسدين، "باشا" لا تحميه "باشويته" أمام "باشوية" الفاسدين، وضابط أخر تحول إلى تاجر مخدرات بأوامر قادته الذين خرجوا للمعاش وتركوا الخدمة، بعد فترة يتوه الضابط بين مهنته الأصلية والمنتحلة، ويخرج الضابط من "أرض الخوف" حالما بالعودة إليها، ومجند "بريء" يلبي نداء العلم، يخدعه قادته حتى يكتشف الحقيقة بنفسه، ينتقم لنفسه وصديقه، بعدما خدش التجنيد براءته، ومحام فاسد يعمل في قضايا التعويضات "ضد الحكومة" يتحول بسبب ابنه المكتشف إلى كاشف للحقيقة، ومحارب للفساد الذي صاحبه طيلة عمره، ومجرم هارب بحثا عن جريمة شرف بحكم "صعيديته"، أدمن "الهروب" والانتقام من كل من تسبب في خيانته، تستغله الشرطة ذاتها للتغطية على بعض جرائمها.

وما بين ضابط ومحام ومجند وضابط ومجرم هارب تبدو دولة القانون التي شخصها أحمد زكي في أفلامه الخاصة فاسدة ملوثة خاضعة للفساد، تحمل داخلها تلك الروح الإنسانية التي لا ينبغي لها أن تكون ملاكا، ولم يكتب لها أن تكون شيطانا، فقط انسانا ضمن منظومة دولة القانون التائه، قدمه أحمد زكي  كما كان في الواقع تماما

*****

دولة الغلابة:

"إحنا صغيرين قوي يا سيد"..هو كذلك سيد المصور الجوال في "اضحك الصورة تطلع حلوة"، الذي لا يملك سوى ابنته وامه والحلم الذي يسع المستقبل، الذي يخوض حربا طبقية لا ناقة له فيها ولا جمل، مساندا لحب ابنته لشاب ينتمى لطبقة اعلى، بينما يعيش "زين" في "هيستريا" متجاوزا حلمه، يغني في المترو صباحا وفي الأفراح ليلا، يعاني شظف العيش لكنه يعشق الحياة، وفي "كابوريا" كان حسن الهدهد  يبحث عن حلم يصنع مستقبلا، وأجبرته الصدمة الطبقية على  نسيان الحلم والاستمتاع بالضياع قبل أن يفيق.

وفي دولة الغلابة ما بين قانع محارب لتحقيق حلمه محترما ظروفه، ومابين متجاوزا قرر التعايش والتكيف مع الواقع، وأخر أضاع حلمه امام الصراع الطبقي حتى افاق، "غلابة" أحمد زكي يشبهون هؤلاء الملايين الذين يسكنون قرى مصر ومدنها، يركبون المترو صباحا ومساء وبين جنباتهم حلم يبحث عن الطريق.

****

دولة السيادة:

"ناصر 56" يتقمص أحمد زكي شخصية جمال عبدالناصر في أوج قوته، عند اتخاذ قرار تأميم القنال، ينقل التاريخ من وجهة نظرا "ناصرية" بحتة، ينتمي المشخصاتي الحقيقي للشخصية بغض النظر عن التاريخ، وفي "أيام السادات" يعاود زكي الانتماء للشخصية بعرض تاريخ الرئيس الراحل من وجهة نظر "ساداتية" بحتة، ينتصر المشخصاتي للمرة الثانية على التاريخ، وفي المرة الأخيرة، خلال فيلم النهاية يؤدي زكي دور عبدالحليم حافظ زعيم دولة الغناء، ينتصر المرض تلك المرة على المشخصاتي ولا يستطيع المشخصاتي الانتصار على التاريخ، ويرحل زكي في أحضان حليم.

في الواقع احب من كرهوا جمال عبدالناصر، "ناصر" زكي، وكذلك فعل من يكرهون السادات أمام "سادات" زكي، وتعاطف الكل مع "حليم"، انتصر زكي لموهبته ومهنته، ورحل تاركا أيقونات سينمائية تستعرضها المناسبات في غياب التاريخ.

****

ومابين دولة قانون فاسدة وعدالة تائهة ومستضعفون حالمون يحارب المجتمع أحلامهم بكل الوسائل الممكنة، وقيادة سياسية وفنية (نخبة) معزولة ومشغولة بنفسها كانت مصر لمدة 60 عاما كما قدمها فنان حقيقي ترك بصمته.

16‏/01‏/2014

معشوقاتي..الخامسة والسادسة

أشار إلى يوم ولدت، وقال هذا رجلاً تحبه النساء....ثم رحل، اصطحبتني أمي صغيراً إلى دجال يدعي الورع، يؤم المصلين في زاوية صغيرة بلا وضوء على الأرجح، فأشار إلى هو الآخر وقال : في حياته 10 نساء، يشكلون يوماً ماضيه وحاضره ومستقبله.. لن يعيش طويلاً ، شهاب يسطع قبل أن يرحل.
تكتم أمي شهقتها، لتخفي حلما راودها قبل ميلادي بأيام، عن شهاب يخرج من بطنها، فينير الدنيا، وما يلبث أن ينطفأ.
حدثتكم من قبل عن 3 منهن، 3 نساء تركن آثراً لا ينمحي في حياتي، لم يذهبن ولن يذهبن، لأنهن بالمناسبة أخواتي على الرابط التالي:

http://monnam.blogspot.com/2012/03/3.html 

وحدثتكم عن الرابعة رفيقة الطريق على الرابط التالي:
http://monnam.blogspot.com/2013/04/blog-post.html 

واليوم أحدثكم عن الخامسة والسادسة:
ريم وفرح، ابنتاي، تلك القطع الرقيقة الصغيرة من روحي التي صارت أنسات تمشي على الأرض، من الطبيعي أن يعشق الاب بناته، لكنهن تبقيان المعشوقة الخامسة والسادسة:

المعشوقة الخامسة:
"لو لم تملك من الحسن سوى وجه أمي لكفاها"
رمرومة الجميلة ابنتي الكبرى، أول عتبة من عتبات الابوة المقدسة، تلك الصغيرة التي اخترت اسمها منذ كان عمري 9 سنوات، تلك التي شهدت معي أول محاولاتي في الحب كأب، تلك الطفلة المبهرة الجميلة التي عشقتها أكثر من أي انسان على سطح هذه الأرض لمدة عامين لم يكن لدي فيهما سواها.
تلك التي تشبه أمي وعمتها الصغرى إيناس، تشبه أمي خلقا بتلك الملامح الجميلة والأنف المميزة للغاية التي يصعب اكتشافها من النظرة الأولى، وتشبه إيناس خلقا وخلقا بكل عاداتها حتى ذلك التمرد الدائم وحب الحياة، وتلك الإبتسامة الساحرة - في الواقع أحب إيناس كثيرا وغالبا انتقل هذا الحب لابنتي -.
تعشق الموسيقى واعشق عشقها للموسيقى وتحب القراءة وأكتب حتى تقرأ يوما ما كتبت، تغضب بسرعة اعصار أمريكي يحمل اسما نسائيا مميزا، ودموعها اقرب إليها من حبل الوريد، ربما لم تدرك الصغيرة بعد أن قلب والدها "ينخلع" من دموعها، وأنني أتمنى أن أملك كل الدينا من أجل فقط أن تظل مبتسمة.
أحلم أن تكون ذلك الحضن الذي يشتقبلني عجوزا وهي تملك من الحنان والحب ما يكفي ويفيض، فقط أخاف عليها بكل ما تملكه من براءة وحساسية من تلك الدنيا التي لا تحب الأبرياء.
جميلة هي
تملك شخصية نسجتها الايام على "نول" بديع، فصنعت منها روحا طفلة ستظل وتبقى - أبوها مازال فخورا بأنه طفل كبير -.
ريم لو قدر لي أن اصفها في كلمات، لا أملك إلا أن اقول : من الراء اكتسبت رقتها، ومن الياء ياويل غضبتها، وفي الميم مشوقة أعبدها.
*****

المعشوقة السادسة:
"ملكت كل سحر الدنيا في ابتسامتها"
فاته نصف عمره من لم ير ابتسامة فرح، تلك الابتساكة التي تجبرني على التحليق مهما كنت غاضبا، صاحبة الاسم التي نالت نصيبها كاملا منه، بكل تلك الشاقوة المخبؤة داخل روحها، وزوج "عفريت" من العيون لا يتكرر كثيرا، وملامح جميلة تنتنمي إلى آل شاذلي، ولكنها تشبه أمها ايضا، وكأنها حتى في ملامحها أرادت ألا تغضب أحدا.
عصبية للغاية وكأن كهرباء مستها يوم ولادتها، أسميتها على اسم منى زكي في سهرة تليفزيونية بعنوان "زواج على ورق سوليفان"، فعشقت السينما مثلي.
فنانة حقيقية تملك موهبة مبهرة في الرسم، وهي الموهبة التي اعتبرها والدها طيلة عمره اعجازا، في الغالب ورثتها من جدها لأبيها وعمتها أماني.
لا تعرف أنها عندما ترسم تتسع روحي، وأنني شديد الفخر بما تصنع.
لا تحب الدراسة - ومن يحبها - لكنها تعرف كيف تنجح، لهذا لست قلقا عليها من الدنيا، خاصة وهي قادرة على صنع صداقات جديدة في كل محيط قبل أن يرتد إليك طرفك، لكنني أخشى عليها من روح الفنان عاشقة التجريب إلى ما لا نهاية.
عندما تغضب فرح، أظن أن البهجة تغادرني إلى عير رجعة، أحلم بصداقتها مستقبلا وأن تكون سر أبيها وصديقته الأقرب، تلك التي ستفهمني حين ينكرني الكل، وكيف لا يفهم البعض الكل.
في عشق فرح على استعداد لكتابة أبيات لا تنتهي من الشعر، لكني يكفيني منها الأن أن اقول : من الفاء فن وإحساس، وبالراء رائعة بين الناس، وفي الحاء حب بإخلاص.


09‏/01‏/2014

أرشيفي الفني ..فؤاد المهندس وشويكار.. بعض قصص الحب بلا نهاية

أثناء أحد مشاهد مسرحية "انا وهو وهي" ، استلقى فؤاد المهندس علي خشبة المسرح بجوار شويكار، ثم فاجأها أمام الجمهور بطلبه للزواج منها، لم تصدق شويكار نفسها، وفقت وأكملا المسرحية، وبعد سنوات حين تحدث المهندس عن إلتزامه الدائم بالنص ورفضه للخروج عنه، سأله صحفي عن تفسيره لما فعله في هذا العرض المسرحي بطلب يد شويكار للزواج، فابتسم المهندس وقال : "ده روح النص".
التقيا قبل هذا بكثير في الخمسينيات، حين كان فؤاد المهندس قد طلق زوجته الأولى "عفت سرور" بعد تجربة زواج "صالونات" لم يكتب لها النجاح، وكان قد بدأ في وضع قدميه على طريق الشهرة والنجاح، بينما كانت شويكار تبدأ طريقها الفني ، كان يحب الحديث غليها دون تفسير لهذا حيث قال :"كنت أحب الحديث معها كلما التقينا ولا اعرف السبب في ذلك وكنت اشعر أنها أيضا معجبة بي ولهذا كانت تحرص على حضور عروض المسرحية الأولى أو عروض فرقة «ساعة لقلبك» التي حققت شهرة ونجاحاً هائلاً".
ومع بداية عام 1963 كان المهندس على موعد لم يخطط له مع شويكار ولكن هذه المرة على خشبة المسرح، بعدما رشحها عبدالمنعم مدبولي للقيام بدور البطولة أمامه في مسرحية "السكرتير الفني"، رفض المهندس ترشيحها لأنه لم يكن يتخيل أنها تصلح للأداء الكوميدي فمظهرها وطريقتها وارستقراطيتها، لكن قلبه كان موافقا وسعيدا بالعمل معها، دون أن يدرك السبب أيضاً، وانتصر قلبه وترشيح مدبولي على عقله.
كانت شويكار قد خاضت أيضا تجربة زواج سابقة من "حسن نافع الجواهرجي" والذي توفى بعد عامين وتركها مع ابنتها منةالله، وخلال عامين من العامل، لم يتوقف قلبهما عن النبض، وأيقن كلا منهما أنه وجد شريك عمره، وبعد الطلب المفاجيء على خشبة المسرح لم يتم تحديد موعد للزفاف، فقط حين انتهيا من المشهد الأخير من فيلم «هارب من الزواج» الذي تقاسما بطولته وكان المشهد عبارة عن زفاف وكانت شويكار ترتدي بالفعل فستان زفاف، استغل الاثنان مشهد زواجهما في نهاية الفيلم وقررا أن يتزوجا في نفس الليلة وبالفعل ذهب الاثنان وهما بنفس الملابس التي أديا بها مشهد الفيلم إلى المأذون ومعهما الفنانة زهرة العلا وزوجها المخرج حسن الصيفي الذي كان مخرج الفيلم ومعهما أيضا شقيقه طلعت الصيفي وتم توقيع عقد الزواج.
وكأن التحقق في الحب يهب صاحبه تحققا كاملا في الحياة، انطق أشهر ثنائي في الوسط الفني ليقدما سويا مجموعة من أروع المسرحيات مثل «أنا وهو وهي» و«سيدتي الجميلة» و«أنا فين وانتي فين» و«حواء الساعة 12» والعديد من الأفلام الكوميدية مثل «أشجع راجل في العالم» «شنبوه في المصيدة» و«أرض النفاق».
وكما تزوجا بهدوء وبعد 20 عاما انفصل الثنائي الرائع بهدوء، دون أية مقدمات، تماما كما ارتبطا بالنسبة للناس، لم يدرك أحد لماذا انفصلا، خاصة بعد تصريح فؤاد المهندس قائلا :"هي حبي الأول والأخير ، لكن كل شيء قسمة ونصيب وأن العلاقة لم يكن لها نصيب لتمتد أكثر من ذلك".
قالت وقتئذ عن هذا الطلاق هند رستم :"لقد فقد المسرح المصري ثلث قوته"، لكن الثنائي استمرا في أداء بعض الأعمال بنفس الروح، وكان الطلاق كان جسديا وبقيت الارواح متعانقة عاطفيا وفنيا وإنسانيا.
وحين رحل فؤاد المهندس عام 2006، لقيت شويكار معه حتى الساعات الأخيرة، ونعته كاستاذ وحبيب تعلمت منه طيلة عمرها على كل المستويات، وقالت " سأظل طوال عمري حزينة على فنان ملأ الدنيا ضحكاً وسعادة في الترفيه عن شعبه من المحيط إلى الخليج، فهو رفيق وحبيب عمري ولم أعشق غيره طيلة عمري، وعلى رغم انفصالنا لكن علاقتنا ظلت قوية ووثيقة".

أرشيفي السينمائي ..سعاد حسني وأحمد زكي.. مابين الحب والصداقة

كان عبدالحليم عاشقا لسعاد حسني، لكن قصة الحب لم تكتمل، عاصر ها صلاح جاهين يوما يوم من خلال صداقته لحليم وابوته الروحية لسعاد، وبعدها بمايزيد عن 15 عاما كان أحمد زكي عاشقا لسعاد حسني وكان صلاح جاهين حاضرا.
رجلان يحمل كلا منها حزنا عجيبا في عينيه، وامرأة حملت نصف بهجة الدنيا وحدها، وصديق أدرك من الحكمة ما يصيب البشري بالاكتئاب.
بداية اللقاء في فيلم ا"لكرنك"، حين كان أحمد زكي مرشحا للعب دور البطولة أمام سعاد حسني، وجد الفتي الأسمر الدنيا تبتسم له للمرة الأولى، بطلا وأمام سندريلا الشاشة العربية، وما بين ليلة وضحاها، تدير الدنيا ظهرها لزكي ويستبعده المنتج رافضا هيئته، مؤكدا أنه لا يصلح كحبيب للسندريلا، التقطت عينا السندريلا نظرة الحزن في عين بطل فيلمها المستبعد، وربما لمست في قلبها نفس ذلك المكان الذي لمسته يوما نظرة العندليب الأسمر.
وتكرر اللقاء مرة اخرى بعد ثلاث سنوات عام 1978  في  فيلم "شفيقة ومتولي"، اصرت سعاد على أداء زي للدور، وقبل زكي كل الانكماش  في دوره إلي أقصي درجة وأن تصبح "سعاد حسني" هي البطلة الوحيدة فيه، فلم تشاهد "متولي" كما تذكره كل الحكايات الشعبية بطلا للحكاية ، بل مجرد دور مساعد، أيقنت سعاد حسني حينها أصالة نظرة الحزن في عيون الفتى الأسمر.
وبعد ثلاث سنوات أخرى كان اللقاء في "موعد على العشاء"، كان زكي يكسر كل "تابوهات" ادوار البطولة في السينما العربية، وكانت سعاد تؤدي مع محمد خان أحد أدوارها الخالدة، خان الذي قال عنه زكي أن علاقته به علاقة أخوية لأن ما يربطه بمحمد خان حبل سري واحد، نجح الفيلم، بقي ما في العيون تحسه فقط القلوب، النجم الأسمر وضعها موضع النجم الساطع البعيد الذي نحبه دون أن نمسه، والسندريلا وضعته موضع "ريحة الحبايب" الذي يبقى الوجود بجانبه راحة.
وبعد أربع سنوات كان اللقاء الجديد بين نجمين صارا على قدر المساواة، ليؤديا مسلسل "هو وهي"، يتعرضان من خلاله لكل المتاح من أشكال قصص الحب العاطفية، والزواج والطلاق، يكتشف كلا منهما ذلك الحزن المخبوء في روح الأخر، يدرك زكي أن تلك البهجة التي تحملها طلة سعاد حسني ماهي إلا غطاء لمخزون رهيب من الحزن والألم، وتدرك سعاد أن ذلك الحزن المزوي في اركان عيون أحمد زكي ماهو إلا المحرك الرئيسي لموهبته وحياته، كان زكي قد تزوج هالة فؤاد عام 83، وبدأت المشاكل تدب بينهما وصارا على حافة الطلاق.
وعند أقدام صلاح جاهين يدور الحكي والبوح وتتخفف الروح من الأحزان، وتعرف العيون بعض الابتسامات المهاجرة، التي تبقى قليلا ثم ترحل للأبد، انتهى زواج زكي بالطلاق وقال عن أم ولده الوحيد «هو العلاقة الصادقة والجميلة الوحيدة في حياتي»، مرددا رباعية صديقه جاهين:
مهبوش بخربوش الألم وضياع قلبي
ومنزوع من الضلوع انتزاع
يا مرايتي ياللي بترسمي ضحكتي
 يا هل ترى ده وشي ولا قناع
أدرك الفتي الأسمر والسندريلا أن ما بينهما خلق ليبقى، وأن مشاعرهما الدافئة تليق بصداقة تمتد إلى نهاية العمر، لا بانفصال يقضي عليها.
وفي عام 1991 كان لقاء السندريلا الأخير بالفتى الأسمر أمام الكاميرات في فيلم "الراعي والنساء"، لم يحققا النجاح ذاته لأسباب عديدة قد يكون من ضمنها أن ما في العيون صار بعيداً عن القلوب، لكن عندما رحلت سعاد حسني قال أحمد زكي :"لم أحتمل نبأ وفاة سعاد حسني، إنه صاعقة أصابت روحه".
ومن مفارقات القدر الساخرة أن يؤدي أحمد زكي دور العندليب الاسمر عبدالحليم حافظ في أخر ايام حياته، ليرحل العاشق الثاني بعد أن أوصل رسالة العاشق الأول أن السندريلا كانت محلها "القلب".

أرشيفي الفني ..عمرو دياب وشيرين رضا.....الحب حتى الطلاق وما بعده

آه م الفراق اللي يتفقوا الحبايب فيه يبقوا صحاب
آه م الفراق اللي بنشوف الحبايب ده اصعب عذاب
وياعيني علي اللي كان بيحب التاني أكتر
بيهرب من المكان وبيبقي عذابه أكبر
وياعيني علي اللقا من غير غيرة وعتاب
ده مفيش بين الصحاب غيرة وعتاب
كلمات أغنية كتبها بهاء الدين محمد  وغناها عمرو دياب في البومه "وياه" الذي اصدره عام 2009، تلك الأغنية التي وافق على غنائها بمجرد سماع "الكوبليه" الأول منها دون أن ينتظر نهايتها، دون أن يداعبه لحن ما أو يسمعه من ملحن فيقرر استدعاء شاعر للكتابة عليه كما اعتاد، فقط تلك الأغنية التي لمست قلبه لأنها ذكرته بشيرين رضا حب حياته - على حسب تصريح أحد المقربين-.
*****
كانت نهاية خطوبة قصيرة تصاحبها مصاعب بداية الطريق لمطرب شاب في بدايات الثمانينات تعني ألاماً لا تحصى، خاصة عندما كان يسكن في شقة يملكها منتج ألبومه الأول زياد فقوسة في حي  العجوزة خلف مسرح «البالون» لا يملك سوى الحلم الذي رفضه والد خطيبته وأنهى العلاقة نتيجة لضعف قدرات ابن بورسعيد المادية.
وذات صباح بينما كانت الشابة شيرين رضا التي تسكن في عمارة مجاورة تقوم برحلتها الصباحية ما بين شقتها والمسرح الذي يقدم فيه والدها مسرحية  «الشخص» من بطولة الفنانة عفاف راضي، حيث تعمل كمساعدة مخرج تحت التدريب، التقطتها عيون عمرو دياب لتسكن روحه طويلا بعد ذلك.
وصارت متابعته لها يوما طقسا ثابتا يساهم في تخفيف ألامه، ويزيد تعلقه بها، وكعادة الدنيا في التآمر لصالح العشاق رشحته إحدى الوكالات الاعلانية ليشارك في تمثيل اعلان من اعلاناتها وكانت الصدفة والمفاجأة المدهشة ان تشارك شيرين التمثيل في هذا الاعلان، تعارفا، لكن الشابة غير المهتمة بالفن كانت تسعد للسفر غلى الولايات المتحدة لدراسة  تصميم الأزياء وكانت زوجة عمها الفنان فريدة فهمي تدرس الدكتوراة في ذلك الوقت هناك.
وعندما عادت كان عمرو دياب قد وضع خطواته الأولى على سلم النجومية بألبوم "ميال" الذي حقق مبيعات ضخمة وقدمه كأحد نجوم الموجة الشبابية الجديدة، ولأن الدنيا ما زالت مُصرة على بذل مجهود لنجاح تلك العلاقة، دُعي عمرو دياب لإحياء حفل خطوبة احدى صديقات شيرين رضا في فندق الهيلتون، أنهى فقرته وترك كل شيء ليتحدث معها ووليبدى لها اعجابه الشديد بها، وابدت هي اعجابها بأغنياته، ولم يفوت عمرو بذكائه المعهود فرصة التعرف على والدها في تلك الليلة والحصول على دعوة بمرافقتهم في رحلة إلى مزرعة ريفية في اليوم التالي.
وفي الصباح اصطحبها في سيارته معاودا هوايته القديمة في تأملها كل صباح، وخلال الطريق روى لها كل شيء عن نفسه حتى مشاعره، التي تقبلتها بخجل وسعادة، وفي المزرعة طلب يدها من والدها الذي لم يندهش وطلب موافقتها التي كانت حاضرة، نجحت الدنيا وأثمر مجهودها عن خطوبة العاشقين.
وخلال فترة الخطوبة قامت شيرين ببطولة فوازير رمضان وكان هذا عام 1989، بناء على ترشيح المخرج الراحل فهمي عبدالحميد وهو ما لم يسعد عمرو كثيرا، الذي كان يرى أن زوجته المستقبلية مكانها المنزل - على حسب تعبيره فيما بعد -.
ومع سطوع نجم المطرب الشاب، ووصوله لقمة الأغنية الشبابية كانت مصر كلها تتحدث عن الحب والزواج الأسطوري ما بين معبود المراهقات وفاتنة الشباب الشقراء.
لكن عمرو دياب الحريص دائما على ابعاد عائلته عن عيون الإعلام نجح في قضاء فترة زواجهما الأولى في حب هائل وسعادة بالغة حتى أنجبا ابنتهما «نور»، لكن سرعان ما بدأت الخلافات نتيجة الاختلاف الشخصي بين الطرفين، ذلك الاختلاف الذي يصبغه الحب بصبغته في البداية والتي ما إن تنقشع حتى تسبب المشاكل.
لتنتهي قصة الحب الرائعة القصيرة الخاطفة بالطلاق، الذي لم يستوعبه بعض المقربين حتى قال عمرو دياب في تصريح لمجلة "الكواكب" عام 94 : «كانت المرأة الوحيدة في حياتي هي أمي.. كانت تحترم والدي الى أقصى درجة.. وكانت بالنسبة لي هي النموذج للمرأة بطيبتها وتسامحها وتفانيها في خدمة بيتها وتقديسها للحياة الزوجية.. وربما كان ذلك احد أسباب فشل زواجي من شيرين رضا» .
لم تكن شيرين رضا أما لعمرو دياب ولكنها كانت عاشقة، لكن بعض الرجال الشرقيين مازالوا عاجزين عن التفريق بين دور الأم والحبيبة.