"يا اخواتي... يا النافوخ بتاع الأنا"
يدرك البعض عند أول مفترق يقابلهم في "مشوار" حياتهم، أنه أمام إختيارين، إما أن يسعد الناس، ويبقى أسيراً للحزن، وإما أن يترك الناس تسعده، مستطعماً أحزانهم، وأن الطريق ليس فيه سلم صاعد، وأن النجومية بعيدة كما السماء.
الكثيرون يفضلون الدوران للخلف، والبحث عن طرق أخرى، أقل عناءً، القليلون فقط يكملون، متزودون خلال الطربق بزاد من ضحكات الناس وسعادتهم، التي يرسمونها على مهل كفيضان جارف من "خفة الدم"، وبطلنا اليوم والتي تحل ذكرى وفاته السادسة والعشرين ، أحد أهم هؤلاء المضحكين، الذين صنعوا تاريخاً للسعادة في السينما والمسرح المصريين.
الخواجة بيجو، ذلك الضلع الاخر للثنائي المدهش، بيجو وأبو لمعة، واللذين قدما خلال فرقة "ساعة لقلبك" عشرات الاسكتشات الممتعة، التي تعتمد على المبالغة و"الفشر" اللا نهائي لأبو لمعة ( محمد أحمد المصري) ورد فعل الخواجة بيجو المندهش دائماً والصارخ أبداً.
المدهش والعجيب في مسيرة فؤاد راتب، الشهير بالخواجة بيجو، أنه توقف في منتصف الطريق، بعد أن بلغ من العمر 40 عاماً، ليسأل نفسه ماذا بعد، نظر خلفه فرأي آلاف الضاحكين، ومشوار فني تجاوز الخمسة عشر عاماً تحفه ابتسامات وضحكات المشاهدين، ونظر امامه ليجد مستقبلاً غامضاً مخيفاً، رأي إسماعيل ياسين كبير عائلة الكوميديا، يعاني الفقر والديون، عبدالفتاح القصري معلم "الإفيه" يموت معدماً، وغيرهم وغيرهم من محترفي الضحك، الذين يتسرب المال والجاه من بين يديهم وتبقى الحاجة تعتصرهم حتى الموت.
قرر الخواجة أن يرتدي ثوبه الأصلي، كمعلم تلقى تعليمه في كلية المعلمين، ويغادر بحر الفن الهائج الغدار، ويسافر إلى الكويت للعمل كمدرس، منهياً حياة الخواجة بيجو بيده لا بيد الفقر، يشد قبعته ليقذف بها على الأرض قائلاً "يا اخواتي، يا النافوخ بتاع الأنا"، يدفنه على خشبة المسرح، ويمضي، ليحيا بعدها لمدة 20 عاماً كـ"فؤاد راتب" المدرس الذي تحتل وجهه تكشيرة عندما يأخد "ساعة... لقلبه".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق