08‏/02‏/2012

أنـــــــــــس

برودة تتسلل إلى كل أطرافي، قدماي تعصاني للمرة الأولى، أجبرها على حملي ونقلي إلى محطة القطار، يتكلم حولي الكثيرون... لا أسمعهم، طنين رهيب يملأ أذناي... يشيرون إلى، أتبع إشارتهم دون وعي، وتلك اليد التي تعتصر قلبي تزيد من إنقباضها، فتتسرب روحي بهدوء من جسدي.
تخور قواي، أسقط فوق رصيف المحطة، يسرع البعض في معاونتي على الجلوس، ينتفض الجسد كلما ارتفع صفير قطار عائد أو ذاهب الذي صرت منفصلاً عنه منذ سمعت خبر وفاة صغيري صاحب الـ14 عاماً في ستاد بورسعيد .
أتوه بين دقات ساعة المحطة، ويتوقف الزمن تماماً لأعود إلى يوم ميلاده، وهو يستقبل تكبيراتي في أذنه، تعاودني أول إبتساماته، وذلك اليوم الأول في الدراسة حين بكى عندما تركته، أحاول أن أتحاشى ذكرى إصطحابي له لأول مباراة، تتلاحق الأنفاس وكأن الروح تعافر للبقاء في الجسد، تصمت الأصوات من حولي ولا أسمع إلا كلمة واحدة : أبنك مات مات مات مات.
مات.
يتوقف القطار ويقترب مني زملائه الناجون من الكارثة، أتعلق بأولهم وأسأله : تعرف أنس أكل سندوتشاته قبل ما يموت ولا لأ؟