27‏/08‏/2012

أرشيفي السينمائي : الضيف أحمد ..... عدو الحزن الذي اختطفه الموت عمداً



"ابن موت" تعبير يطلقه المصريون على الطفل صاحب الموهبة الكبيرة، حاد الذكاء، القادر على إبهارهم، وهو لقب يستحقه تماماً الفنان الراحل الضيف أحمد عبقري الضحكة، ابن محافظة الدقهلية وخريج كلية الأداب جامعة القاهرة، والذي أسس فرقة ثلاثي أضواء المسرح مع سمير غانم وجورج سيدهم، وكان عقل الفرقة المدبر وقائدها قبل أن يرحل عام 1970 عن عمر يناهز الرابعة والثلاثين عاماً، عمل كذلك مؤلفاً وكتب قصة فيلم ربع دستة أشرار، ومخرجاً مسرحياً وأخرج مسرحية الراجل اللى جوز مراته، ومسرحية كل واحد وله عفريت، ولم يتوقف عند هذا بل لحن أيضاً كل اسكتشات فيلم 30 يوم في السجن، فيما يطلق عليه فنياً الفنان الشامل.
ولأن الموت هو أحد رسل الحزن، ولأن الحزن عدو معروف للسعادة، ولأن الضحك هو رسول السعادة، والضيف أحمد هو أحد رسالات ذلك الرسول القوية المبهجة، أرسل الحزن رسوله ليختطف مننا الضيف وكأن له من إسمه نصيباً، حل ضيفاً على الحياة ليجبرها على الإبتسام ثم رحل.
ذلك الشاب النحيل القصير صاحب البشرة السمراء، صاحب تلك العيون الحزينة التي يظللها حاجبين كثيفين أصرا فيما يبدو على إخفاء هذا الحزن لمن كانت رسالته أن يصنع البهجة، وأنف كبير يحتل مساحة أكبر من المسموحة شموخاً وعزة، وشفاه رقيقة قد لا تبتسم كثيرا ولكنها قادرة على منح الإبتسام، كان مشروع نجم مصر الأول في مجال الكوميديا لولا رحيله، ولولا تلك السكتة القلبية التي إختطفته من الحياة لظل بيننا ينثر الضحك أينما حل.
اعتمد الضيف خلال أعماله بصحبة فرقته أو بدونهم على خفة دمه الشديدة، وقدرته على إصطناع الجدية في أكثر المواقف إضحاكاً دون أن يضطر نهائياً لاستخدام حجمه الضئيل في الإضحاك، إعتماداً على موهبة حقيقية تهب الممثل مساحات عريضة من العمل، لا كتلك الكوميديا المصطنعة التي تستخدم فيها الأجساد والمسوخ لإبتزاز الضحك.
الضيف أحمد الذي ولد في شهر العظماء، شهر ديسمبر وتحديداً يوم 12 ديسمبر سيظل علامة من علامات السينما المصرية، علامة تأخذ شكل الإبتسامة التي اتفق مستخدمو الانترنت مؤخراً على أن تكون بهذا الشكل :).
والذي لا أجد رثاء يليق به إلا تلك الكلمات التي غناها له يوماً بعد رحيله الفنان سمير غانم وكتب كلماتها الرائع الراحل عصام عبدالله ولحنها محمد هلال  والتي تقول :
عزيزي الضيف احمد بسأل عنك كل ما بضحك ، بس ما بيجيش الرد
، كل ما بلمح حد واصلك ، اجري له القاه يتشد ،
بيني وبينك عندك احسن ، اروق ، انظف ، لولا الرب علينا بيلطف ، كنا زمانا بناكل بعض
، بس بنضحك ، نزعل نضحك ، نفرح برضه نضحك .
عزيزي الضيف احمد ما اعرفش اذا كنت سامعني ولا ما عدتش تسمع حد ،
فاكر لما كنا نغني كنا نضحك طوب الارض ،
بيني وبينك كل ما ادقق ، افكر ، امعن ، بشعر اني خلاص ح اجنن ، بس مافيش م المكتوب بد ،
و آهي ايام بتعدي يا ضيف ، وح نتقابل بلا تكليف ، ونقعد نضحك
نضحك نضحك

ليست هناك تعليقات: