27‏/08‏/2012

أرشيفي السينمائي : إستسلام الملك...!!!!





ذات مساء على خشبة مسرح السلام عام 1988 اثناء عرض مسرحية الرائع سعد الله ونوس الملك هو الملك، قام الفنان الكبير صلاح السعدني والفنان الراحل حسين الشربيني والفنان محمد منير بتبادل الإفيهات حول مقارنة عبثية بين المطرب الأسمر المعجون بطين الأرض وملحها محمد منير والمطرب محمد ثروت بإعتباره المطرب الرسمي للحكومة حينئذ.           
وفي هذه المسرحية تحديدا صرخ منير بصوت مصر وكلمات الشاعر أحمد فؤاد نجم قائلاً " طفي النور يا بهية كل العسكر حرامية" ثم اختتم المسرحية بـ"طعن الخناجر ولا حكم الخسيس فيا".
قبلها بأعوام ستة كان منير صاحب أول أغنية تتدخل الرقابة في حذف مقطع منها لإعتبارات سياسية بعد عرضها كاملة في فيلم حدوتة مصرية وقامت الرقابة ببتر " يا ناس يا ناس يا مكبوتة، هي دي الحدوتة"
ثم غنى الملك محمد منير- كما أطلق عليه منذ بداية التسعينيات- في حب مصر أغاني مثل  "قلب الوطن مجروح" و " شمس المغيب" وأغنية "بلاد طيبة" بمصاحبة المطربة أنوشكا ، بالاضافة للعديد من الأغنيات التي تدور حول القضية الفلسطينية مثل " قول للغريب" و" العمارة" و "اتحدى لياليك ياغروب" ليشكل بأغانيه وجدان عدة أجيال عبر ثلاثة عقود هي عمره الفني، جعلت الكثيرون – وكاتب هذه المقالة من ضمنهم- يعتبرونه صوت الشارع الناطق ، و ضمير البوح الشعبي الذي نلجأ إليه، و صاحب المساكن الشعبية التي تأوينا.
حتى عندما ذهب إلى توشكى مرغما منذ سنوات ، وقف و بكل شجاعة يغني أغنية "ياعيني عالولد" ليختمها ملقيا بكلمته الفاصلة في هذا الحفل الذي تم تسجيله قائلاً " ياعيني عالبلد"
وحتى عندما تم إلغاء حفلاته بحجة عدم استعداد الأوبرا مرة وبحجة السلامة الأمنية مرة اخرى، كان الجمهور يعتبر منير انعكاسا لحالة من الكبت التي تمارسها الأجهزة الأمنية على الأصوات الحرة، حتى فوجىء الجميع منذ ايام قليلة بالملك على خشبة المسرح يغني في عيدالقوات الجوية بل ويعلن مهرجان الموسيقى العربية الرسمي التابع لوزارة الثقافة تكريمه في دورته القادمة في تحول مفاجيء وعجيب.
قد لا نختلف على إحياؤه لحفل خاص بالقوات المسلحة المصرية ولكننا نتعجب من أن يحدث هذا بعد 30 عاما من مشوار مطرب لم يقترب من مسارح الدولة يوما للغناء منذ كان مجندا في الشؤون المعنوية في منتصف السبعينيات مع زميليه على الحجار وعمر فتحي.
وكذلك هذا التكريم المفاجيء الذي يناله بعد الإتفاق بساعات وكذلك من قبلها غناؤه على مسارح الإسكندرية لاختيارها عاصمة للسياحة العربية.
فهل استسلم الملك وقرر أن يكون صوتاً رسمياً للدولة تاركاً الناس لمن يشعر بالناس ، مستعينا بمقطع في إحدى أغانيه القديمة يقول " تاهت عيني مش شايف الناس ولا الطريق" ، فإن كان اختار الطريق وترك الناس فقد خلع تاج الملك الذي إكتسبه بحب الناس، واكتفى برداء السلطان.
محمد منير يحتاج الآن لأن يسمع أغنيته التي غناها في مسلسل "أهلا جدو" أمام النجم الكبير فريد شوقي "مقدرش ابيع جدي"
وهو يصدح مغنياً "ازاي اقطع جدوري ، ازاي دي مش أصول ، ازاي أقطع أصولي، وأعيش من غير اصول"

ليست هناك تعليقات: