13‏/11‏/2010

قلب الحجـــر




اليوم يوم ميلادي، سعيد أنا بانفصالي عن الأم، سعيد بانتقالي من قفار الصحاري إلى دفء المدينة والبشر.... نسيت أن أعرفكم بنفسي، حجرا أنا.... قطعة من الحجر البازلتي، ظلت جنينا في رحم الجبل قرونا وقرون.
حتى جاء دوري لأرى النور وانتزعتني يد البشر وآلاته وسط ضجيج هائل من صحراء جرداء لا تعرف شكل الماء إلى ورشة فنية لنحات شهير .
استقر مقامي عند وصولي في أحد أركان ورشته الفنية، فاخذت رغما عني اتأمل جمال المكان وألوانه الصارخة التي ذكرتنى بجيرانى في قلب الجبل، ثم لفت انتباهى وجود اخوة وأبناء عمومة لى اتخذ كلا منهم شكلا رائعا من ابداع هذا المثال.
ولا أخفيكم سرا شعرت بالغيرة من جمال التكوين وابداعه.
وأخذت أترقب اليوم الذي سيهبني فيه صاحبي شكلي النهائي، لكي أثير الدهشة وامتلىء بالجمال، مرت الأيام وانا اتأمل صاحبي في طقوسه اليومية، وأتلمس حركات يديه بحثا عن لحظة يبدأ فيها تكويني.
لاحظت فيما لاحظت امرأة جميلة تتردد عليه كل ليلة، تأتيه فيترك الدنيا ويكاد يؤجل تنفسه حتى لا يشغله شيئا عنها.
يتبادلان القبل والأحضان وينام فى أحضانها كطفل صغير.
تأتيه حزينا أو سعيدا وتتركه صباحا أكثر سعادة.
حتى جاء هذا اليوم المنتظر واقتربت مني صاحبتنا الفاتنة، أو فاتنة صاحبي، وأشارت إلى قائلة : متى تبدأ؟
وأعقبت سؤالها بضحكة حانية.
فأسرع صاحبى واحتضنها وقال : من الغد ياحبيبتى اصنع تمثالك
ارتجفت أنا الجماد أيها البشر، أخذت أعد الساعات حتى تشرق شمس الغد وصديقى لاه بأحضان حبيبته شبيهتي المستقبلية.

وفى الصباح اقترب منى صاحبي في هدوء، تأملني طويلا ثم تحسسنى بيد شعرت فيها بالدفء البشرى المذهل، قبل أن يبتسم ويقبلنى في سعادة ويصرخ بصوت عال مخاطبا خياله: أحبك أحبك 
وللمرة الثانية يرتجف قلبى واتمنى قلبا كالبشر.
أسرع صديقى وأحضر إزميله وكان مع أدواته وهو يعمل كناسك يتبتل فى محراب.
صدمتني كمية الألم غير المحتمل، كان الإزميل يقتلنى في كل ضربة، كرهت الدنيا ويوم ميلادي، وحتى صاحبي، وتعجبت من قدرة البشر العجيبة على إيلام الغير دون إحساس.
حتى أتى المساء فنفض يديه مني، وألقى على جسدى غطاء، تاركا إياي ائن أنينا لا يسمعه إلا من كان مثلي.
وأخذت أتسائل هل مر كل اخوتي وأبناء عمومتى بما مررت به الآن؟
إذن يجب أن أتحمل حتى أصل للكمال مهما كانت معاناتي أكبر وأنا الاصلب، للهدف ضريبة، طريق يجب تحمله.

ومرت الأيام في عمل دؤوب صاحبت فيها الألم ليال طويلة، لكني لم اعتده ولم يكن ينسيني إياه إلا صيحات اعجاب حبيبته ولمساتها الحانية كلما كانت ترانى وترى التطور في جسدي.
صرت أشعر أننى قطعة منهما كلما احتضنا بعضيهما أمامي.
حتى كانت ليله سمعت صديقي يخبرها أن تأتي في الصباح لترى تمثالها في صورته النهائية،
ساعتها لو كنت أملك القدرة على الطيران، لحلقت سعيداً، في الغد أصل للكمال، في الغد أشبه البشر.

وفي الصباح لم يأت صديقي ولا صاحبته، مر اليوم تلو الآخر دون مجيء أحدهما، امتلكنى القلق وافتقدت حتى الألم الذى صاحبنى شهورا طويلة،أخذت اتسائل : ألن أكتمل؟
حتى أتى مساء يوم ممل آخر، واذا بصديقي يعود مترنحا من فرط السُكر، يحتضن بدلا من حبيبته زجاجة خمر، بدا ةوكأنها تودعه، يبكى بكاء كالظلام، ينتشر دون توقف.
احضر مقعدا وجلس أمامي، ازاح الغطاء عني بعنف، وأخذ يسب حبيبته ويسبني وأنا فى دهشة، قذفنى بزجاجة الخمر بعد أن انتهت، تحطمت حولي إلى شظايا، نهض في عصبية متحاملا على نفسه وارتمى في أحضاني ضعيفا يرتجف، دون أن يلتفت لتلك القطع الزجاجية الصغيرة التي انغرست في قدمه.
صرخ بألم شعرت به وكأنه الإزميل: لماذا تركتيني وأنا أحبك، تلك خيانة، لماذا..لماذا؟
لم أدرك تأثير الكلمة، فنحن بني الحجر لا نخون بل نحتمل حتى الموت.
تساقطت دموع صاحبي على جسدي، ارتجفت رغمل عني، شعرت ألما يفوق ألم الإزميل، أدركت أنا الحجر للمرة الأولى طعم الماء، وياليتنى ما أدركته.
 تزلزل داخلي تداعى كياني، ارتجف قلبي وناح على صاحبي نواحا حجريا يشبه الصدى.
وعندما سقط على قدمي فشلت في البكاء وإن تمنيته، لم يطاوعنى قلبى الحجري.
وعند الصباح عندما أصر صاحبي على استكمال تمثاله، ومع أول ضربة إزميل تفتت إلى عشرات القطع.
صرت أما لقطع جديدة صغيرة.
ودعت صديقى بنبضة قلب حجري ذاق طعم الماء لأول وآخر مرة.

24‏/09‏/2010

نبــــــــوءة


الراوى

صلوا عالرسول الكريم
حاحكيلكم اليوم اسطورة
عن قلبين فى عز الضيم
قاوموا نبوءة مسطورة

*****


البطل
_______

صهيل الخيل ف قلب الليل
بيعلن عن شروق فارس
ودمعه عين بتسأل مين
لجرحى حزين
ولا يوالس



*****

البطله:
_____

نبوءة زمان ف يوم قالت
صهيل الخيل ف قلب الليل
ميلاد فارس
من الفرسان
قوى وشجاع لكنه حزين

و هيكون قلبه سبب حزنى
و هيكون قلبى سبب حزنه
قدر مكتوب على جبينى و على جبينه
طريق مفتوح لكن نهايته محتومه

فراق ولقا
نعيم وشقا
نبوءة وآن وقت تحقيقها
و لو اقدر محققهاش
و لو اقدر اعاند صوت صهيل الخيل
لو اقدر


*****

البطل
:
_____

قالولى السيف كده نصيبك
ومش مكتوب لقا حبيبك
توديك الدنيا وتجيبك
على الاحزان

قاومت بكل ما املك
نبوءة لابد تتحقق
طريقنا لابد متفرق
بدون عنوان


*****

البطله:
_____


قالولى هتتولدى فيوم لقياه
و هتحسى بإن الدنيا ضحكتلك
و هتحبى و هتغنى و هتطيرى مع النسمات

اميره هتكونى لعرش حبيبك الأبدى
حياتك راح تصير وردى

لكن فى نهاية الرحله
طريقكوا لابد متفرق
نبوءه لابد تتحقق
غمامة حزن هتعشش على قلوبكم
و دمعكوا مش فى يوم هيجف
قدر مكتوب
و مين يقدر فيوم يهرب من الاقدار







****


البطل
______


عينيها كل ما بحلم بتحوينى
هواها براحى يداوى جراحى
يأوينى
اذا كل الدراع يوم او ضاع
تخلينى
فارس من الاحلام

قالولى بعدنا قدرنا
مرسوم الحزن
متوانس بباب دارنا
لا مرة واقفنا او اخترنا
تكون نهايتنا بالايام

حلمنا نكمل للاخر
اتارى القدر منا كان ساخر
حلف يفرق القلبين
والفرح من عمرى بيتاخر

لابد احارب الاقدار
ومين يقدر يحاربها
حاربت الصحرا والامطار
نجوم السما قادر انا اجيبها

لكن دى نبوءة
موبوءة
خلاص
كتبت دواوينها



*****



البطله:
_______


قالولى راح يجوب الارض شرق و غرب
و مش هيلاقى راحته الا فى عنيكى
و هيحارب عشانك الاقدار
و هيجبلك نجوم يغزلها على توبك

قالولى حنان الدنيا فى حضنه
امان الدنيا هتحسيه و دراعاته محاوطينك

راح يقتل الخوف اللى عشش على قلبك
لا من ديب و لا انسان فيوم هتخافى و انتى معاه

حبيبك هو هيكون و هتكونى حبيبه له
و قلبه راح يصير دارك
و حبه دواكى و مرارك


هواه راح يجرى مجرى الدم فى عروقك
هيجتاحك و يسكن جوه جوه القلب
اتنين هتتقبلوا و تتفارقوا بروح واحده

حكولى كتير
و قالولى قدر مكتوب
و مين يقدر فيوم يهرب من الاقدار



*****


الراوى
______

لسه بعيد هما يا سامعنى
بس بيحلموا نفس الحلم


*****






البطل
______

غربتنى الليالى والصحارى
لاحد بيا حاسس ولا دراى
سيف فى ايد والتانية درع
بس جوه قلبى نارى

ميت حرب قول او يزيد
حاربت خضت وهل من مزيد
لو كنت مت
اكيد من جديد
لما اشوفك حبيبتى
اتولد من جديد

بس خوفى م النبوءة
بس خوفى م النبوءة



*****


البطله
_____

ميلاد جديد هيكون
حب و فرح و جنون


روح بتطلع من جوه روح
إنسلاخ..إنشطار..لجل ما تتوحدوا من جديد
على قد فرحة الميلاد ..على قد الوجع

مش عارفه ليه مش خايفه
صوت النبوءه فى ودنى
بيقولى حسبى ماللى جاى
بيقولى اجرى و اهربى
بيقولى حبه هيقتلك
بيقولى حضنه من كتر حنانه هتدفنى فيه حياتك

صوت النبوءه يخوف
وجع الميلاد راح يإلم
بس فرحة اللقا اكبر من كل ده


*****



البطل
_____


ايوه جايلك مهما كان
الخوف يخاف بان الامان
فينوا حضنك من زمان
خلاص فى قلبك حابنى بيت

وعشان بحبك وقلبى عاشق
سهم روحك فى قلبى راشق
وخلاص معاكى ابتديت

نبوءة ايه متخافيش
وانتى معايا جناح وريش
نعلى نونس السما
ميهزمناش ولا الف جيش


****


البطله
_____



سامعه صوته من بعيد
بيقلى اوعى تخافى

حاسه روحه محوطه قلبى
ضحكة عيونه منوره لى زمانى

ميهمنيش لو طرقنا نهايته ضلمه
مدام معاه
ميهمنيش لو الفراق كان قدرنا
يكفينى يوم عشته فهواه

ايوه بحبه
و ليه هكون ونس و بيت
ايوه بحبه
و بيه هطير و معاه هغنى




نبته جميله بتتولد جوه قلوبنا
زرع الهوى فرحه و بسمه فكل ركن
انا و هو بقينا واحد
بقينا اقوى من الف جيش


*****



الراوى
______


الشمس مسيرها ان غابت
تطلع تانى بقلب جديد
بعدوا كتير
وقلوبهم تاهت
بس اتقابلوا بحب كبير


*****


البطل
______

عديت عشانك بحور و جبال

مريت بميت مليون محال

و فضلى ليه نفس السؤال

أشوفك و لا لأ


نصيبى يمكن بس خايف

خايف و لكن قلبى عارف

جوايا ليكى حب جارف

و ليا فيكى الف حق


و قدام عنيكى وقفت حاير

ماسك ايديكى و قلبى طاير

تتغيرى يا كل المصاير

خلاص حبيبى قلبه دق


*****


البطله:
_______

صوت صهيل خيلك سمعته...كدبت ودنى

شفت طيفك جاى من بعيد..كدبت عينى

قلبى رفرف و قال آن أوان اللقا...صدقت قلبى

إنت هنا؟؟

جنبى..جوه عينى فحضن قلبى؟؟؟

إنت هنا؟؟؟

مفيش بحور و لا سدود بينا خلاص؟؟

يعنى خلاص؟؟ معدش فى خوف م النهارده؟؟

يعنى خلاص؟؟ لقيت أمانى؟؟يعنى خلاص أنت بجد هنا؟؟


*****



البطل:
______



و أنا بلمسك و لا ميت نبوءه تصدنى

إنت ليا و أنا ليكى

معادش حاجه تهمنى



*****


البطله:
______

عارف..عدت عليا سنين كتار

كل ليله أناجى نجمى البعيد ..أسئله إمتى اللقا

أقله إنى تعبت و مليت الانتظار

كنت خايفه اللقا يطلع سراب..حلم و خيال

كنت خايفه منتقابلش..كنت خايف متحبنيش

كنت خايفه يوم ميلادى ميتعلنش

كنت خايفه و كنت خايفه

دلوقتى عايزه أصرخ بعلو صوتى و أقول بحبك

أقول إنى ليك و أنت ليا

أقول لخوف السنين اللى عشش جوه قلبى إنه ما عاد ليه مكان



*****


البطل:
_____


غيرت بيكى الأبجديه

علمتينى حروف الحياه

و القصه كانت مبتديه

بحبى ليكى بخوف بأه

بس النهارده هنتولد..هنتوجد

بقلب واحد نفس الهويه


*****



البطله:
______

خد بإيدى و لف بيا بين البحور..بين الجبال..وسط السحاب

علمنى من جديد يبقى ايه طعم العسل..طعم الليمون

علمنى ازاى تدمع العيون من كتر الفرح

إمحى كل شىء عدى و راح و أكتب فى كتاب حياتى من جديد

علمنى أتنفس بنفسك..أهمس بصوتك

علمنى إزاى راح تتولد جوه ملامحى

علمنى أحيك أكتر و أكتر

علمنى أصلى و أشكر ربنا..إنك هنا..إنك أنا...إن النبوءه اتحققت



*****

الراوى:
______

يمكن ماتوا صحيح م الحب
يمكن ماتوا ف غارة ف حرب
بس انتصروا على النبوءة
سابوا وليدهم حته من القلب
يزرع خير
ويكون اسطورة
يملى الدنيا عدل وحب

"تمت"

كتابة مشتركة مع المتميزة مى خاطر التى قامت بكتابة البطلة

ركني المفضل


أعطي وجهي للحائط، ضاماً كتفاي لتلامسا الحوائط

ركني المفضل في المنزل ....هنا أبكي و هنا أختبأ من الخوف

أغمض عيناي داعيا الله أن يمضي في طريقه دون أن يراني

تصدر الرجفة صريرا بفعل خشب الأرضية فارجو الخشب ألا يفضحني

أشكر الله على قصر قامتي و اشكو إليه صغير سنى

ياليتني في سن أبي حتى أهزمه

يمر الوقت و ينتشر الضوء و يمضي تاركاً إياي في صحبة الخوف ،

تضربني أمي بعد أن تنتزعني من ركني المفضل لأني أغرقت الأرض

لماذا تضربني وانا الخائف

و لا تضرب ما يخيفني

30‏/08‏/2010

السيد تركي يكتب :"قهوة الحرية" أبطال هاربون من مرّ الواقع إلى مرارة الخمر


علي العكس من أبطال" قهوة الحرية", اختار الروائي الشاب أسامة الشاذلي لروايته مصيراً متمرداً.. هو نوع من الإحتجاج العملي علي أحوال النشر المتردية في مصر.. قرر طباعة روايته الثانية على نفقته الخاصة وتوزيعها على المكتبات بسيارته الصغيرة.. قاطعاً الطريق بين الأسكندرية والمنصورة وطنطا والقاهرة مطمئناً علي مكانها بين أيدي قرائه. قد يكون التمرد علي المصير الاغريقي لأبطال الرواية المستسلمون لمصائرهم هو ما دفعه لذلك.
الرواية هنا هي المكان.. هذا المقهي العتيد الذي يعرفه مرتادو وسط المدينة جيدا.. نظرة خاطفة عليه من وراء الحواجز بعد منتصف الليل تكشف ان هذا هو الصخب المسرحي بعينه.. هكذا أبطال الرواية التي تتماس مع الواقع في شخوصها لدرجة تصل مع بعض الشخصيات إلي حالة التطابق. اختيار الروائي للمكان يكشف عن رغبته في كشف شخوصه وفضح أسرارهم, وهل هناك أفضل من لحظات السكر.." ناس من الخمرة تصبح وحوش, وناس من الخمرة ترجع بشر". هذه الرغبة العميقة في الكشف عن الاسرار تجلت في اختيار الشاذلي لطريقة الراوي العليم, رغم انها رواية متعددة الاصوات, يستخدم فيها الروائيون ضمير المتكلم, إلا ان هذا الاختيار, علي ندرته, يكشف عن رغبة الروائي في الوصول إلي أكثر النقاط إظلاما في وعي شخوصه. يتحدث الراوي عن رشاد, ماسح الاحذية: ".. منهمكا في ذكري بدت معالمها سحيقة, بهتت معالمها في ذاكرته حين ادرك ولاول مرة انه غير قادر علي الانفاق علي ابنة عمه التي تزوجها, وكل هذه الافواه التي خرجت من هذا الزواج".
الرواية تلعب علي حكايات ثمانية اشخاص بشكل افقي يتنوعون بين ماسح احذية وسقاة ومناضلون سابقون وصحفيون وريجيسير, تنتقل الرواية بين الشخوص ساردة أحداث يوم واحد ينتهي بموت الرئيس وفرض حظر التجول.. هؤلاء الأشخاص علي تنوعهم لا تجمعهم سوي"الحرية" التي تحتفظ بهم في أخر مشاهد الرواية قابعين بين جدرانها, في مفارقة ظاهرة قصد بها الروائي/ الرواي العليم أن يظل الابطال حبيسي هذا المكان حتي نهايتهم او نهاية القهوة أيهما اقرب.
ابطال الشاذلي جاءوا الي قهوة الحرية مهزومين وهاربين, يداوون جراحهم بالشراب, ويتقاسمون حكاويهم مع الندماء, سلوي الابطال تتجلي في استسلامهم للراوي الذي يعرف تفاصيل ماضيهم, المرة الوحيدة التي افلت فيها أحد الابطال من قبضة الراوي الثقيلة جاءت مع شهدي, اليساري والسجين السياسي السابق, الذي اخذ زمام الحكي وانطلق في واحد من أطول منولوجات الرواية, 14 صفحة من القطع الصغير. وهذا سعد, الساقي, مهزوم في بيته بعد ان أنكره ابناؤه خجلا من مهنته في قهوة الحرية, وهذه لينا, المناضلة الفلسطينية السابقة, والباحثة عن ظل رجل تستعيض به عن الوجود الطاغي لحبيبها الراحل مريضا بالسرطان: "حاولت التماسك ولكنه أبي وتركها راحلا بغير عودة منتحلا لنفسه موتا قبل الموت.. علمها فنون الحياة التي كان شغوفا بها, وشاء ان يعلمها طقوس الموت التي يكرهها". وهناك يقبع توفيق, الساقي الثاني, في أحد الحمامات, فاشل حتي في ممارسة العادة السرية, ويتستر علي ما اعتبره "فضيحة" سعد وماسح الاحذية رشاد, الهارب من فقر الصعيد الي مذلة القاهرة. وتامر وصفي الهارب من عار امه وابيه الي مهنة لا تحتاج الا لـ "بورمجي مودرن" لا يجد متعته إلا في الإستماع لحكايات شهدي المناضل السابق المتوحد مع فكرة يعلم انها لن تتحقق, ورغم سخرية تامر المريرة من هؤلاء الاشخاص, الا انه يجد في شهدي صورة الاب الذي كان يتمناه بعد ان اكتشف في مراهقته ان امه ليست سوي عاهرة وان اباه, علي الورق, مجرد قواد.
مع ابطال الشاذلي لا يوجد شر مطلق او خير مطلق, رغم مأساوية الاحداث التي دفعت بهم الي الحرية, هناك خالد المرصفاوي.. صحفي شاطر إلا ان التميز وحده في هذه المدينة القاسية ليس كافيا, بعضا من جسده يفيض به علي زوجة رئيس التحرير التي تعاني الحرمان, لا يضر بل يفيد. كذا ندي بركات الصحفية الموهوبة هي الاخري, لا مانع من عدة تنقلات بين المحبين حتي تصل في النهاية الي مرفأ المرصفاوي كأي فتاة عادية ترغب في زوج وبيت واسرة.
هذه هي القاهرة/ قهوة الحرية حسبما يراها الشاذلي بشر مخمورون دون خمر, يتظاهرون بالعمل علي شئ ما غير مرئي, محدثين جلبة دون انجاز اي شئ. هذه هي القاهرة التي يسكنها الشاذلي مع اطفاله الثلاثة داعيا اياهم, في صفحة الاهداء, إلي مشاهدتها من اعلي بشرط الا يفكروا للنزول والسكني بها ابدا.

تم نشر المقالة فى موقع العرب اليوم يوم 23 أغسطس 2010
http://www.arabs2day.net/fQGLYI-dJH/chiI-GeMQkI-CHWGe-hGQHig-fg-fQr-GeiGcY-Eej-fQGQI-GeNfQ.html

14‏/08‏/2010

مبارك و حذلئوم وجهان لعملة واحدة


نجح الفنان أحمد مكى فى ذكاء يحسد عليه و دون ضجة فى صناعة فيلم عن سيرة الرئيس البطل صاحب الضربة الجوية الأولى محمد حسنى مبارك - أول مجرم سلم فى التاريخ - و تم عرضه تجارياً تحت إسم "لاتراجع ولا استسلام" .
وتدور أحداثه حول "حذلئوم " ذلك الإنسان معدوم المواهب و الذكاء - مبارك بالمللي - الذى يطمح فى السفر للحياة فى لندن - وقد كان مبارك يحلم بالعمل كسفير لمصر فى لندن بعد خروجه من الخدمة - و الذى تضعه المصادفة فى مكان حساس لخدمة الوطن .
من المدهش ايضا ان حوار الفيلم أعتمد على بعض الصفات الشخصية والقرارات السياسية التى اتخذها الرئيس البطل فى مشواره الرئاسى الذى يدور فى دائرة لا نهائية مثل المشهد الذى كان "حذلئو" يتحدث فى التليفون قائلا : الفلوس معايا و البضاعة كمان معايا
وكلنا يعلم ان كل الفلوس مع سيادة الرئيس وأنه قابض على البضاعة تماما كأمن الدولة على كل المعارضين .
هذا بغض النظر عن "السيناريو المهروس " من قبل بدءً من "سى عمر" حتى "كتكوت" - تماماً كسيناريو العملاء الأمريكان منذ شاه إيران وحتى صدام حسين -
ولكن الفيلم - و كعادة كل الافلام المصرية - يقع فى خطا الإستسهال و يدع البطل "حذلئوم " ينجح فى مهمته فى نهاية الفيلم - على عكس الواقع - فى مجاملة مفضوحة للرئيس البطل الذى فشل تماما فى مهمته وأغرق البلاد - ربما لأنه فى الاصل طيار لايجيد قيادة السفن - .
ولكن يبقى لزاما علينا فى النهاية كلمة شكر لكل صناع العمل أحمد مكى و أحمد الجندى وشريف نجيب ، بل ونزيد عليها مطالبتنا بتكريمهم فى أعياد النصر فى أكتوبر المقبل ومنح كل منهم وسام نجمة سيناء .
ملحوظة : فى انتظار الكبير قوى ربما يكون سيناريو عن البطل الابن .

08‏/08‏/2010

علاء القمحاوي


تماما كالأرض البرية ، غنية ، بريئة ، مليئة بالخير
مخيفة أحيانا ، هوجاء اذ تستجيب لكل عناصر الطبيعة ، على سجيتها ، لا تضع الحسابات البشرية ضمن حساباتها
هذا هو علاء القمحاوى
ذلك الفتى القصير صاحب ال23 ربيعاً ، الذى تحبه بمجرد رؤيته ، ثم تكرهه أحيانا من فرط اندفاعه
قليلون يدركون ذلك الخير الوافر بداخله ، الأقل يدرك أنه جوهرة علاها الصدأ و التراب
ينبذ كل غريب فيكرهه كل مصطنع
يبرز السؤال الحائر فى عينيه دوما ، ليثبت لك أنه مازال على الفطرة
يقابل الدنيا بصدره فتقابله الدنيا أحيانا بظهرها ، لا ييأس ولا يحزن فقط يقاتل كمحارب من العصور الوسطى ضل طريقه ولكنه يدرك فى النهاية سمو مهمته .
صديق لم تهب الدنيا مثله إلا قليلا ، أخ تبخل الدنيا أمامه ، عاشق على حرف
علاء القمحاوى رجلا أنجبته الدنيا لتثبت أنها ما زالت قادرة على فعل الخير
علاء وان اكتسب من اسمه بعض " العلوقية " يبقى أخى الذى لم تنجبه أمى .

07‏/08‏/2010

نظرة


نظرة تلد داخل النفس إشتياق....رغبة يعقبها تدفق للعاب، ليعطي مذاقاً غريباً داخل الفم، فتمتد يد الطفل لا إرادياً فلا تصل إلى شىء .
فتبلل خديه الدموع الغزيرة ، فيصبح المذاق مالحاً بطعم الدموع.
وتعود اليدان الى مكانهما في استسلام مرير، والحزن يجتاح النفس كقبضة يد تعصر قلباً حياً.
والطفل الاخر يعبر الطريق ممسكاً بقطعة شيكولاته في ورقها الزاهى يلتهمها في ضجر.

26‏/07‏/2010

طعــم الملـــح


كلت يداى واجتاحهما خدر أليم، الموج مازال يصارع جسدى الذى يبدو ثقلا يتمنى السقوط ، ولكنى اقاوم واقاوم...... يقتحمنى ماء البحر ، يجتاح عيناى وانفى وفمى
طعم الملح يحتلنى بلا رحمة .
يؤلمنى كثيرا استنشاق الماء المالح بدلا عن الهواء .
ورغما عنى أتذكر هواء قريتى ومكانى المفضل تحت شجرة التوت عند ضفة النهر، تولد ابتسامة مبتسرة فى غير مكانها ولا زمانها ، تقتلها مقاومتى و تشبثى بالحياة ليعاود جسدى الارتفاع مرة أخرى .
استنشق نفسا عميقا... أتمسك بملامح امل يبدو شاحبا ، ألمح ظلام الفضاء ونجوم الليل ترصعه و لكن البحر يحجب عن جمالها بظلمة ماءه وظلمه .
أتذكر شمس الصباح فى قريتى وكيف كانت تؤنس طريقى ، أتذكر صديقى وحلمه الدائم بالهجرة ونجاحه فى تحقيق هذا الحلم
اتسائل عن مروره بموقفى هذا لتحقيق هذا الحلم الجميل
الموج يعلو ليحجب عنى حتى عقلى ، اتشبث بالدعاء
اصرخ : ربى اغثنى
البحر يزيد احتضانى
تلوح امامى صورة القريه ، وحبيبتى تلك التى تنتظرنى
تخفت ابتسامة حبيبتى ويخبو ضوء الصورة ببطء
طعم الملح يحتل كيانى.... يداى تستسلمان للموج
أتذكر فقط فى النهايه تشابه حروف كلمتى الحلم والملح

25‏/07‏/2010

مثقفة


كل رواد الصالونات الأدبية .. هؤلاء لا يكتبون إلا لأنهم لا يستطيعون القيام بشىء أخر ، لا سيما أنهم عقدوا العزم على الإنخراط فى النشاط الأدبى . لكن أحداً منهم لم يكن يدرك خطورة هذا اللقاء الحميم بينه وبين الورقة البيضاء ، كنت أجدهم عقيمين كطموحهم
سيمون دو بوفوار من رواية " المثقفين "


أعادت النظر الى نفسها مرة أخرى فى المرآة ، تأكدت من ضبط حمالة صدرها بحيث تدفع به الى الأمام فيبدو نافرا مستفزاً ، حيث يعمل حينئذ كمغناطيس يجذب أعين الرجال ، اطمئنت الى مظهرها .. ذلك القميص المفتوح حتى منبت الثديين وذلك البنطلون النصف مكوى بالاضافة الى خصلات الشعر القصيرة المتنافرة وذلك الحذاء مقصوف الكعب لتبدو كاحدى مثقفات وسط البلد .
استقرت فى المقعد الخلفى لتاكسى عتيق اصرت على الإشارة له خصيصا ، لتعيد سرد "إفيه" سمعته أمس الأول من أحد الأدباء الكبار عن موقف مشابه .
أصابها الغضب بشدة عندما لم يتوقف " التاكسى " فى حذاء المجموعة التى تنتظرها ، فاضطرت الى تعديل " الإفيه " ليبدو باهتا و يبتسم فقط من يشتهيها من الحضور .
أسرع الكل فى اتجاه مبنى معروف فى احد شوارع وسط البلد لحضور ندوة يلقى فيها أحد الشعراء أبيات شعرا من ديوانه الجديد .
و خلال الندوة التى تخللها أسئلة جمهور الحاضرين أصرت على السؤال بحدة واصرار للفت أنظار الحضور و تساؤلاتهم عن كينونتها .
وحين غادرت بعد الكل تاركة مجموعتها القصصية بين يدى الناشر الذى فشل فى أن يكون أديبا ، فاضاف اليه الفشل فى أن يكون ناشراً .
اشار الى صاحبه فى الغرفة المجاورة بينما يناوله سيجارة الحشيش قائلا : "فلانة " كاتبة مجموعة قصصية هايلة .
ابتسم صاحبه فى خبث و سحب نفسا عميقا وقال : فعلا جسمها يجنن .

19‏/07‏/2010

ما بين امبارح و بكرة


مكتوب على باب امبارح روح بلدك ياغريب

مفارقنا وسايب بكرة.... ساكن فى علم الغيب

اتغطى الحلم قصير .... والليل فى عبايتك سارح

م الخوف الغطا يتغير .... يكسينى الالم البارح

وعايزنى اسامح

ملعون الدوا يا طبيب

و دوايا شوية صبر ..... ياخدونى لحد القبر

وامر الصبر الجبر .... مجبور ويقولوا نصيب

ولا عمر الجرح يطيب

مكتوب على باب امبارح روح بلدك ياغريب

واهو بكرة بيرضع شمسه .... بيخطى خطاوى نهار

تاتا خطى العتبة

يقابلنا يادوب ينهار

يتحول فجره لعهر .... ونصلى العصر الضهر

عالعصر ميعاد الكفر

فى الليل يا تسيب يا نسيب

بكرة من خيبته وهبله

عدى و بهمه وعبله

صار امبارح واتبدَلوا

مغترب انا و كئيب

مكتوب على باب امبارح بكرة تمللى غريب

15‏/07‏/2010

بيــدق


تنسحب البرودة التى احتلت جسدى حين تلامسنى أصابع الرب
أستمتع بالدفء فأحتل مكانى فى شوق الى الرقعة
الابيض والاسود هما كل ما حولى - نسيت أن أخبركم لونى هو الاسود – أحاول النظر فى اتجاه الوزير فيرهقنى النظر ويرتد الى طرفى فى رهبة
اكتفى بالاطمئنان على الحصان الذى أخذ يستعد فى مكانه الاثير خلف ظهرى واتمايل فى خشوع على همهمة الاستعداد للمعركة
انتظر دورى فى الحركة بفارغ الصبر غادرنى الحصان منذ قليل .. ارتجفت قليلا حين سقط بعض زملائى البيادق
أرى فيلنا ذو الميل الأبيض يخترق جانب العدو فى جسارة دون أن يدرك سقوط الرخ الذى يحميه
يسقط فيتقدم الجيش الابيض فى اصرار
وزيرنا الاسود معتقل فى الخلف عاجز عن الحركة .. أسب الوزير فى سرى وأنشغل بالمعركة التى تدور فى الجانب الاخرى
يقطع متابعتى حلم يقظة عابر مر بمخيلتى للحظة وجدتنى فيه أصل لخط النهاية فأصير وزيرا
لم استطع استيعاب الحلم لان يدى رب الرقعة نقلتنى للامام فاذا بى فى وضع اشتباك مع فيل للعدو اتخذ المسار الاسود
حانت من التفاتة سريعة لأرى من يحمينى فابتسم لى حصانى الاثير لانه من حمانى
ابتعد قليلا بحركة أخرى واتوقف كثيرا أمام بيدق أبيض قطع على الطريق
تجذبنى همهمة فى الخلف الكل يصرخ الملك فى خطر .. ألوم عجزى عن الحركة والرؤية
تلوح ابتسامة صفراء على وجه البيدق الابيض فيحتلنى القلق
أتطلع للخلف فلا ارى أتلفت حولى فاذا بملكى يحتمى بى أتناسى حلمى
واحلق من حوله وأنا مكانى أقرر فدائه بأى طريقة
ألمح وزير الخصم وطاغيته يقترب أعترض طريقه بخطوة أخرى بعد سقوط ذلك البيدق الابيض الكريه من أمامى
لا يلتفت لى طاغية الجيش الابيض صابا كل تركيزه على الملك
أرى ثغرة فى جانبه الذى يحميه الرخ فأتقدم فى لحظات لاطعنه وأخرجه من الرقعة
غير عابىء بالرخ الابيض الذى أنقض على جانبى ليخرجنى أنا الأخر على بعد مربع واحد من خط النهاية
فقط تذكرت وأنا أغادر نظرة رضا فى عين الملك الاسود الذى قارب على النصر

الحب مش بيهون


14‏/07‏/2010

إلـى علـــى


لكل عائلة ما يميزها , وفى عائلتنا نتوارث جيلا بعد جيل تقديس ابائنا حتى الالوهية , وكشرقيين نخاف الاله كثيرا ونحترمه ونهبه الجلال اللازم لاستكمال الهيئة الالوهية , ثم نهرع لأحضان الامهات فى حالة عشق اسطورية .
لذلك قررت وكأله أن اشاطرك بعضا من نفسى كل عام , لتعرف ان اباك مجرد انسان , الاسود فيه كالابيض ان لم يكن اكثر , انكساراته بعضا من ملامحه , وأخطائه لون بشرته , وبأنه بلا هالة أو قداسه , فقط هو منذ البدء وحتى الأن يحاول فقط يحاول .
لذلك كان البدء فى تلك العائلة المكونة من مدرس الجامعة العائد لتوه من بعثته فى الاتحاد السوفيتى , مليئا بالحنق والغضب تماما ككل العائدين , و زوجته - أمى- ابنة القرية التى زرعها زوجها فى القاهرة فأثمرت ومدت جذرها فى الارض حتى طاول حنانها السماء , تركها مع ثمراتها الأربعة ثم عاد ليجدها اشد قوة وأكثر تحملا لغربتها الخاصة وأوفر ظلا .
استعد الجميع لمغادرة المنزل القديم فى شبرا والانتقال لاخر بجوار الجامعة التى يدرس بها الاب , وبذرتى انا - أباك- تنبت فى هدوء داخل رحم الأم الطيبة , الاب العائد غاضب من تلك البذرة , لا يتمناها ويطالب باجهاضها , والزوجة الام كعادتها تنفذ اوامره دون نقاش , مستغلة ترتيبات الانتقال حتى تساعدها على ذلك , الصغار الاربعة أمل , أحمد , أمانى وايناس لاهون عن كل هذا بأجازة صيف جديد .
- كان أبوك عنيدا حتى الكفر
ستسمع تلك العبارة كثيرا فابتسم عندما تسمعها , لأن عند ابيك جعله يستمر داخل الرحم , رافضا الاجهاض , متمسكا بالحياة , ولولا رحمة ربك ما كان ولا كنت .
وأخيرا فى ذلك الشتاء السعيد , والكل مشغول بمتابعة أخبار حرب اكتوبر فى سيناء , وتتبع أخبار المفاوضات , العائلة مشغولة باستقبال ضيفها الجديد , الاطفال ينتظرون امام شاشة التلفاز بصحبة شادية وشكرى سرحان فى فيلم السهرة مساء الاربعاء , والكل يترقب صرخة تعلن الميلاد .
ضئيلا أتيت الحياة , صامتا - كعادتى دائما فى البدايات- ثم صارخا ومرحبا بتلك الحياة التى عشقتها طيلة عمرى بعد ذلك.
وما بين سعادة واخرى واختلاف على تسمية الصغير , وما بين "ابراهيم" كما يريد الصغار كنت " اسامة" كما اراد الاب , الذى نسى فى لحظات كل ما كان وسكن الصغير الذى يمتص ملابسه فى جوع قلب الاب .
شعور مختلف ان يكون الفارق بينك وبين أخوتك كبيرا , لانى وجدت نفسى محاطا بوالدين واربعة امهات , , خاصة عندما سافر الاب من جديد بحث عن رزقه فى الخليج تاركا الصغير بسنواته الثلاث يتحسس طريقه فى معرفة اساسيات الدنيا التى تتعلمها انت الان
وفى حمى سور الغربة البارد , وبين جدران المنزل , فى صحبة كل هؤلاء الاباء والامهات تكونت شخصية الصغير
,,,, أطلت عليك هذا العام وانت لم تحسن القراءة بعد
اعدك فى العام القادم عندما تحسن الكلام - ان كان فى العمر بقية - أن أكمل لك
حب ابيك وكل كيانه

12 ديسمبر 2009

12‏/07‏/2010

رحلة صيد


جلس على فراشه , ليحكم ربط الحذاء العسكرى ذو الرقبة الطويلة , اعاقته قطرات العرق التى انتقلت من جبهته الى عينيه , لكنه ما لبث ان انهى ارتداء بقية ملابسه ثم اسرع بعد ان احتلت وجهه ابتسامة واسعة فى اتجاه الصندوق العتيق الذى يحتل الركن الايسر فى حجرته الصغيرة .
اخرج تلك البندقية العتيقة و تأملها فى شغف , اصابته لمعتها بالفخر , لكونه اعتنى بها منذ وفاة والده يوما بعد يوم , صارت وحدها صديقه الصدوق , يروى لها و هو يمرر الزيت فى فتحاتها احلامه , يمسح ماسورتها الفضية وهو يسر لها بادق اسراره الشخصية , يحلم معها باليوم المنتظر .
امتشق بندقيته الاثيرة و تأمل هيئته فى مرآته الباهتة , عدل من وضعها متذكرا صورة والده المعلقة داخل دولابه هربا من يد الام , التى تكره سيرة الصيد و كل ما يخصه .
تمتم ببعض الكلمات الممتعضة : مين اللى قال ان الصيد هو اللى خده منك يامه , النكد هو اللى قصف عمره بدرى .
غادر منزله ملقيا نظرة اخيرة على موقع والدته المفضل فى الصالة , سعيدا بغيابها عنه حتى يستطيع الخروج.
و فى الشارع تعمد صاحبنا ان يرى جيرانه البندقية المعلقة على كتفه , معلنا للكل وان لم يتحدث بأن هذا اليوم هو يوم تحقيق الحلم الذى طال انتظاره , اليوم يبدأ رحلة صيده الأولى رغما عن الام الغاضبة و احياء لذكرى اب رحل.
وقبل ان يستقل الاتوبيس نجح فى لف بندقيته حتى يخفيها عن الانظار و دارى قلقه بلحن شهير دندنته شفتاه .
وهناك فى المكان الموعود , اعاد تعمير بندقيته و ربت عليها فى حنان , قبل ان يطبق قاعدة التنشين التى لقنه والده اياها و يطلق طلقته الأولى .

******************************************

تناقلت صحف الصباح خبر صغير فى صفحاتها الداخلية عن اصابة اسدى قصر النيل بأعيرة نارية مجهولة المصدر

12 يوليو 2010

11‏/07‏/2010

ملك يبحث عن مدينة



اتعبتنى الرحلة وارهقنى المشوار
فمدينتى التى ابغيها كلما اقتربت انا منها تبتعد
كلما استأذنت فى الدخول وطلبت منحى تاشيرة ولو ليوم واحد
وضعتنى على قوائم الممنوعين من الدخول
يعاتبنى قلبى, يسبنى يتمنى, لى الموت
يحتله عذاب ما بعده عذاب
يبحث عن راحته وراحتى خلف اسوار تلك المدينة الابيه
ترفض هى فيتمرد هو
ما ذنبى
مدينتى استمعى لعزفى على الناى طول الليل وانغامى التى تتغزل فيكى
وابيات قصائدى التى اتلوها على جدرانك
ضمينى مواطنا لا حاكما
فقط اجعلينى بداخلك
فلقد انهكتنى الغربة
**************************
*****************************
مناجاة
جبت الدنيا شرقا وغربا
اخترت انقى حبات المطر وحملتها فى جبتى
لانها تشبه طهرك
ازهى ورود الارض وقطفتها
جميلة فقط مثلك
ارق قطع الحرير والاف الفراشات
تشكل مرحك وفرحك
واجمل الصور
حبيبتى بعدك
عاشق لملم حبيبته من ارجاء الارض قطعه قطعة
حتى وجدك
واتيت اليكى فى صمت
احاول وضعها بين يديكى
ارتحت امامك بعد تعب السنين
فلا تخذلين هديتى التى هى جزء منى
ولا تلومين العاشق ان قدم قلبه هدية
فذنوب العاشقين قلوب تحب
وقدرى ان انتظر فى صمت
او اعلن الحرب حتى الموت

اعلان الحرب

من الملك العاشق الى المدينة المستحيلة
قررت انا الملك العاشق اعلان الحرب
وجيشت جيوشى
للغزو
مشاتى حروف كلاماتى تحاصر المدينة
خيالتى كل مشاعر تستعد للاجتياح
لا ارغب فى استسلامك
فانى قادم لسكناكى
وليس احتلالك
وانا لا احب المدن المستسلمة
يا كل الدنيا
اشهدى صباحا يليق بتلك المدينة
اشهدى حربا ينتصر فيها الطرفان
مدينتى المستحيلة
مع رسالتى التى تأتيكى كل نهار
حاملة خيالتى ومشاتى
استعدى
فالحب قادم
**********************************************
بعد الهزيمة

ملك بلا عرش معلق على اسوار مدينة ...
يبحث عن قلب يتمنى السكينة ...
يرتد مهزوما مدحورا .... يللم مملكة من الليالى الحزينة ...
ملك من ورق لا يملك الا الحروف ....
مطعون مذبوح منسوف ....
يتحمل الام المسيح بطهر يحيى ... بكلمة حب سجينة
ترصع الاشواك تاجه فى ألم
يكون خريطة من عدم ....
تتغير حتى الملامح
تنهار الدموع السخينة
مدينتهم انتى نعم
ولن تكونى مدينتى
قدر على الفارس المهزوم ان يعترف
ويخلع تاج الملك .. ينصرف
ينسحق يختفى ينتهى
يشنق نفسه على باب المدينة
لبيقى ذكرى
مجرد فكرة
بان الملك العاشق
صار شهيدا لقصة عشق مهينه




بعد الوقوع فى الاسر


هنا بين تلك الجدران الضيقة
خلف تلك القضبان المقبضة
جلست اسيرا
ملك معتقل محبوس
يتعاطى اوهاما ودروس
مطأطىء الرأس حسيرا
يحتجز السجان جسده
لكن قلبه حر طليق
روحه بعرض الدنيا تضيق
ينتعل الدنيا
يطاول السماء
بحب فى قلبه لمدينة
لا تعرف اللقاء
منتظرا انا وبهدوء
كل سبل البقاء
لاسكنها لا حضنها
ليعود لها ثانية
النماء

امام لجنة التحقيق

ملعونة انتى ايها المدن المستحيلة
اتتسائلون عن عشقى
وهل لعاشق فى العشق حيلة
ملعونة كل حالات الغرام
خطيئة حب مدينة جميلة
معترف بالذنب انا متهم
بالادمان
بالايمان
بسهر الليالى الطويلة
ساخر من كل طقوسكم
نفوسكم
من اسوار المدينة العليلة
ترفضنى لا تقبلنى
عن حبى تنهرنى
بخيلة بائسة ذليلة
ارفع رأسى الان دون خجل
دون وجل
ما للحياة قيمة
بعد احلام قتيلة
سلمت تاج الملك طوعا
احسست للحب جوعا
زرعت اوهام نبيلة
وحان الحصاد
فحن الجماد
وتمكنت روح القبيلة
فلتحكموا
لا تنقموا
عارا عليكم
اعدلو بضع لحظات قليلة

الليلة الاخيرة فى المحبس

فى ليلتى الاخيرة
جاءو كى يقايضونى
قالو اخلع قلبك
انسى النبض
انسى مدينتنا واملك كل الارض
انقذ روحك من يأس من قتل
من جلد
************
لم يعلو الا صوت الضحكة
ساخرة من ناس لا تفهم
لا تعلم
ان العاشق ان مات
ينتعش القلب لكى يحلم
وصرخت بعلو الصوت
صرخة هزت حتى الموت
احبك يا مدينتى المستحيلة
وغدا ترون
******************
تبسموا ساخرين
وقال اخرهم غدا على المقصلة
قلت غدا وبعد غدا
سترون
العاشق حين يقرر الشهادة
ماذا يحدث

النهاية

شمس اليوم خجلانة
ظهرت على استحياء
والسجان اتانى بكوب الماء
قال لى اشرب خمرا
يساعدك على تحمل البأساء
ربت على اكتافه وقلت لا
اليوم يوم البقاء
تمتم فى خجل واصطحبنى للساحة
************************
وقف الشعب بقلب الساحة
يتلون كلماتى للمدينة
تبسمت فى استحياء
ما بال المدينة لا تفقه كلامى
وكل شعبها يفهم
مابال حبيبتى اخر من يعلم
**************************
اقتربت من نصل المقصلة
هبت رياح الشتاء الباردة
ارتجف الكل
خشيت ان ارتجف
يظنون بى خوف او يختلف
عانقت النصل والسجان
وشهدت شهادة اخيرة
بانه لا الا العشق ولا الا المدينة
وهبط النصل
***********************
وفى صباح اليوم التالى نبتت فى المدينة
الاف الورود
غير النهر مسار بعد جمود
وخرجت مئات النساء الحبلى
لتلد اطفالا يشبهوننى
يحملون تيجانا من قلوب
وصرت مدينة داخل مدينة
ومدينتى مازالت تقرأ كلماتى
دون ان تدرك بانها لها
****************************
احبك وما باليد حيلة
و حبك ضد اعراف القبيلة

خياط النبى


تتخطى تلك العتبة المتهالكة فى وهن شديد
بعد يوم من العمل الشاق
تدفع ذلك الباب الخشبى المتهالك لحجرتها العتيقة لترتمى بجسدها على تلك الأريكة الخشبية الوحيدة المتوحدة فى فراغ الغرفة الضيق
تزدرد لقيماتها القليلة على عجل وتمد يدها اسفل الكنبة تتحسس شيئا ما
تصطدم يدها بذلك المشعل البدائى المطفىء وتلك الحقيبة الخيشية البالية
فتسرع بسحبها وفتح ذلك الكيس الصغير فى جانبها لتضيف حصيلة اليوم الى ما تم جمعه طيلة العام
وتواصل عد النقود فى صمت وكأنها فى صلاة
ولأنها تجيد العد حتى رقم عشرة فقط
تقسم النقود عشرات ثم تعيد تقسيمها لعشرة مجموعات
عانت فى كلا منها الخدمة فى بيوت الغير حتى انحنى ظهرها وهى لم تتعدى عقدها الرابع
وفى النهاية تعيد النقود لكيسها الصغير
وتستلقى على الاريكة فى هدوء
لتحملق فى سقف الغرفة المتساقط وتحسب كم بقى على المبلغ المرجو
لشراء تلك القطعة القماشية المباركة من خياط النبى
الذى يحل موعد حضوره السنوى بعد أسبوع واحد
وتنام على ابتسامة فى انتظار البركة

**************************
***************************

ملحوظة لها علاقة بالقصة : خياط النبى خرافة فى ضواحى القاهرة وبعض الأرياف
عن رجل يأتى كل عام ليبع للبسطاء بعض قطع القماش على أنها من ثوب النبى صلى الله عليه وسلم
ويدفعون فيها الكثير من قوتهم وقوت اطفالهم

موال القمر

زمان كان القمر ساكن معانا فى البيوت
يهل ويا الليل ويدخل فى سكوت
يقعد فى صحن الدار ..... نتلملم كبار وصغار
يدور الحكى فى الفناجين
يمشى القمر .... كل الكلام بيموت

***********

أبويا كان يحكى ان القمر صاحبه
ياما ف ليالى طويلة اتقابلو واتصاحبو
وف مرة سرقه النوم , قام القمر صاح به
اصحى يا صاحبى دى العشرة ليها شروط

*************
شرط القمر عشقه ..... أسطورة م الأساطير
عشاق النهار يشقوا ..... فى العشق ليه دساتير
فى الحسن له صورة , مرسومة فى الملكوت

*************

فاكر فى يوم وف ليله , فكرت من صغرى
من هبلى , قال دوغرى .... قررت أكلم فيه ... أصاحب فيه
وصحيت ومن بدرى
لقيتها شمس النهار .... صبغانا سطح و دار
كشرت أنا محتار
قالت فى شبه اعتذار :
صاحية أنا فى السما ... بس القمر نايم
بملا له كاسات من نور
حب القمر انما ... لازم تكون فاهم
يوم عالقمر حتثور
وان أخرة هواه , لازمن يا ابنى تموت