27‏/08‏/2012

أرشيفي السينمائي : موناليزا مصر.... أسطورة لا يعرفها الكثيرون!




يقول الشاعر الأيرلندى إدوارد دودن:
"أيتها العرافة، عرفينى بنفسك
حتى لا أيأس من معرفتك كل اليأس
وأظل انتظر الساعات، وأبدد روحى
يا سراً متناهى الروعة
لا تحيرى الوجدان أكثر مما تفعلين
حتى لا أكره طغيانك الرقيق"
قيلت تلك الأبيات في وصف الموناليزا، تلك اللوحة الغامضة للفنان ليوناردو دافنشي، تلك المرأة التي احتار المؤرخون في وصفها، في حقيقتها، وبقيت ابتسامتها الهادئة ساخرة من كل المحاولات، منهم من قال أنها لأمرأة شهيرة فى المجتمع الإيطالى، أو لإحدى فتايات الليل، أو لوالدة دافينشى، أو أو أو، وكذلك بالضبط  تثير بولا محمد لطفي شفيق الحيرة عند الكتابة عنها ووصفها، لا تعرف تحديداً أيهما أكثر إثارة وتشويق وروعة، تاريخها النضالي، أم تاريخها الفني.
بومبي الشهيرة بـ "نادية لطفي" تلك اللوحة المصرية الصعيدية الأصيلة، التي تحدت ملامحها الأوروبية فنياً وقدمت "ريري" في فيلم السمان والخريف، و"زوبة" في قصر الشوق الذي خضعت من أجله لتدريبات مكثفة على يد عالمة من شارع محمد علي، كانت ترى الفن بطريقتها الخاصة جداً، كانت تراه طريقة واسلوب حياة، ليس مجرد مهنة تمتهنها، كانت تجيد الرسم والتصوير وتمارسهما، قبلت أدوار في حجم مشهدين في أفلام في قيمة المومياء لأنها تدرك قيمتها، قضت اسبوعين في صفوف المقاومة الفلسطينية أثناء الاجتياح الإسرائيلي لبيروت، عاندت الموت وصورت أكثر من 25 ساعة للحرب، أيضاً قامت بتصوير 40 ساعة في القرى والنجوع المصرية لتجمع شهادات الأسرى المصريين في حربي 1956 و1967 حول الجرائم الإسرائيلية.
أما لو نظرنا للوحة العظيمة من جانبها النضالي فتاريخه يرجع لعام 1956 وقت العدوان الثلاثي على مصر عندما ذهبت لتدافع عن القنال قبل ميلادها الفني بعامين، أيضاً نقلت مقر إقامتها إلى مستشفى القصر العيني أثناء حرب أكتوبر بين الجرحى لرعايتهم، رعايتها الدائمة لأسر المعتقلين السياسيين منذ الستينيات، والتي يصفها الشاعر الكبير زين العابدين فؤاد صاحب أغنية "اتجمعوا العشاق" وغيرها بأنها أم المعتقلين.
نادية لطفي جيوكاندا العظيمة، التي غضب إحسان عبدالقدوس من إختيارها اسماً فنياً لبطلة روايته "لا أنام"، أشك أنه مازال غاضباً، ولتبقى دائماً اسطورة اعتزلت منذ أكثر من 18 عاماً، ورفضت كل المحاولات لعودتها، خاصة وأنها ترى أن الفن ليس مجرد دور تقوم بتقديمه الفنانة مقابل أجر مادى، بل هو رؤية وتمازج روحانى مع الشخصية التى يقوم بتقديمها أى فنان أو فنانة، اعتزلت في زمن يرفض فيه الفنانون و لاعبو الكرة و السياسيون، وأي شخص تحت الأضواء، البعد عنها، اعتزلت لانها تملك إرادة حديدية، ولأنها تقدم في الحياة أدواراً أهم.
نادية لطفي أسطورة مصرية، لم تجد "لوفر" يشير إليها ويعرضها، موناليزا مصر لم تحصل على تكريم تستحقه، لأنها أكبر من أي تكريم.

ليست هناك تعليقات: