لم يكن ذلك الشاب الطموح، ذو العوينات المستديرة يعتبر تخرجه من كلية الحقوق عام 1962 حدثاً هاماً، بل وربما وهو يسير في الطريق ما بين جامعة القاهرة وبيت والده في الجيزة، كان يفكر في شهادة البكالوريوس كخطوة، ويسأل نفسه كثيراً فيما بعدها، وعندما بدأ حياته موظفاً في وزارة الخارجية، وحتى حصوله على الدكتوراة في القانون الدولي من الولايات المتحدة عام 1974، كان كل ما تغير فيه، أنه ترك شعره للإسترسال على طريقة "الهيبيز".
*********
في الجانب الآخر كان صاحبنا الثاني ، الشاب العاشق، ذو العوينات المربعة، غير سعيد تماماً بتخرجه من كلية الهندسة، قسم العمارة، والتي لجأ إليها كنوع من الإلتحاق بركب الفنون، أي فنون، حتى ولو كانت العمارة، ويوم أعلنت النتيجة، ركب أول قطار عائد إلى مسقط رأسه في الأسكندرية ليفكر في مستقبله، في قصة الحب الوحيدة التي عاشها في حياته، لتك الصور التي تمر سريعاً على شريط سينمائي، عشق السينما، وماهي الخطوة المقبلة لتحقيقه، إلى أن شارك المخرج العظيم صلاح أبو سيف في فيلم الفتوة، وكان عمله يقتصر على تدوين الوقت الذي تستغرقه كل لقطة، لم يهتم كثيراً بشكل العمل الذي يؤديه، لأنه كان مؤمناً بأن الطريق دائماً يبدأ بالخطوة الأولى مهما كانت صغيرة.
***********
وهذا ما آمن به تماماً صاحبنا ذو العوينات المستديرة، والذي بدا الخطوة الأولى للتغيير في مصر حين انهى عمله كرئيس لوكالة الطاقة الذرية في فيينا، وقرر العودة في نوفمبر 2009 وفي خضم جدل سياسي حول انتخابات رئاسة الجمهورية عام 2011 والعوائق الدستورية الموضوعة أمام المترشحين بموجب المادة 76 المعدّلة في 2007 وتكهنات حول تصعيد جمال ابن الرئيس السابق محمد حسني مبارك، وأعلن احتمال ترشحه لانتخابات الرئاسة في مصر مشترطًا لإعلان قراره بشكل قاطع وجود "ضمانات مكتوبة" حول نزاهة وحرية العملية الانتخابية.
فثار ردود أفعال متباينة في الشارع السياسي المصري، حيث اعتبره البعض رسالة محرجة للنظام من شخصية ذات ثقل دولي مفادها أن عملية تداول السلطة في مصر تحتاج إلي إعادة نظر. بينما رأي آخرون أن تصريحه يعد مسعي حقيقيا لفتح آفاق جديدة للحياة السياسية "المخنوقة" في مصر، حسب وصفه.
قبل أن يخوض معاركه واحدة بعد الأخرى، من آجل نشر فكر التغيير في مصر.
******************
كذلك كان صاحبنا ذو العوينات المربعة مؤمناً بالتغيير، لذلك بدأ في كتابة فيلمه، يدفعه إحساس قوي بالرغبة في تقديم ماهو جديد وجاد، دون النظر الى إمكانية تنفيذه أو عدمها. وإستغرق في كتابة السيناريو عاماً ونصف العام من التفرغ التام ، متناسياً حتى أزمته المالية، بوالرغم من العروض الكثيرة التي كانت تعرض عليه لتصميم وتنفيذ الديكور الذي اشتهر وعمل به طيبة عقد كامل، إلا أنه وجد نفسه غير قادر على عمل أي شيءسوى فيلمه الأول، وشعر بأنه سيكذب عليهم وعلى نفسه لو قبل بالعمل فيها.
وبعد الإنتهاء من السيناريو ، بدأ في بالبحث عن طريقة لتنفيذه، وقتها كان يعمل مع المخرج العالمي روسيلليني، فعرض عليه السيناريو، وبعد أن قرأه لم يصدق بأن هذا السيناريو يبحث عمن ينفذه. فأخذه فوراً الى وزير الثقافة المصري، وكان ذلك بمثابة تزكية وإعتراف صادق من مخرج عالمي كبير، بأهمية الفيلم وأهمية تنفيذه، لذلك دخل السيناريو ضمن مشاريع مؤسسة السينما، ليتم تنفيذ الفيلم ويحصد العديد من الجوائز العالمية التي تشير إلى فنان مختلف قد يضع السينما المصرية والفن في مصر في مسار جديد.
التغيير الذي اشار إليه ذو العوينات المستديرة، كان سيضع مصر ايضاً في مسار جديد، لذلك تمت محاربته بقسوة من نظام التحم بالسلطة، واعتنقها، وعبدها، ونسى كل ما سواها، وبدأ تشويهه رسمياً عن طريق الإعلام الرسمي، صحف وفضائيات وقنوات أرضية، اتهموه بالماسونية دون أن يعرف أكثر من 90% من الشعب المصري ما هي الماسونية، اتهموه بالعمالة، واتهموه حتى بالكفر، وحتى بعد ثورة يناير، استمرت الإتهامات من الإسلاميين تارة، ومن فلول النظام تارة، ليقرر الرجل ذو العوينات المستديرة، الشهير بـ"محمد البرادعي"، الإنسحاب من سباق الرئاسة، لتقضي مصر وشعبها على حلم جميل، لامس خيال مصر النائمة في الفساد، فأيقظها، ويعود الرجل إلى بيته هذه المرة راكباً سيارته، دون أن يسأل نفسه وماذا بعد، فعليه للمرة الأولى أن لا ينظر للمستقبل، لضيق الحاضر.
******************
أما صاحبنا ذو العوينات المربعة، فبعد نجاح فيلمه الأول، وكتابة فيلمه الثاني، وبحثه عن وسيلة لإنتاجه، وبعد توليه رئاسة مركز الفيلم التجريبي التابع لهيئة السينما، وصناعة أربعة افلام قصيرة، غلا أن حلم تقديم "اخناتون" بقى مسيطراً عليه، وبسبب تعنت المؤسسة الرسمية، الجهة المنتجة شبه الوحيدة في ذلك العصر التي تستطيع إنتاج فيلم في ضخامة هذا السيناريو، صرح صاحبنا الشهير بـ"شادي عبدالسلام" يوماً أنه قد يعتزل العمل السينمائي، وإنه سينصرف الى تربية الدواجن.
قبل أن يعود إلى بيته يوماً في نهاية عام 82، حريصاً على عدم التفكير في الغد، محتضناً سيناريو إخناتون، مشاهداً لفيلمه المومياء، حتى رحمه المرض من قسوة الأجهزة الثقافية المسئولة عن الإنتاج السينمائي التي شلت فناناً حلم بالتغييرن فكان حلماً مس الواقع الفني في مصر، وكاد أن يجمله، لولا أنه يعتنق القبح.
كلاهما زماراً لم يطرب حيه، ونبي مهان في وطنه.
*********
في الجانب الآخر كان صاحبنا الثاني ، الشاب العاشق، ذو العوينات المربعة، غير سعيد تماماً بتخرجه من كلية الهندسة، قسم العمارة، والتي لجأ إليها كنوع من الإلتحاق بركب الفنون، أي فنون، حتى ولو كانت العمارة، ويوم أعلنت النتيجة، ركب أول قطار عائد إلى مسقط رأسه في الأسكندرية ليفكر في مستقبله، في قصة الحب الوحيدة التي عاشها في حياته، لتك الصور التي تمر سريعاً على شريط سينمائي، عشق السينما، وماهي الخطوة المقبلة لتحقيقه، إلى أن شارك المخرج العظيم صلاح أبو سيف في فيلم الفتوة، وكان عمله يقتصر على تدوين الوقت الذي تستغرقه كل لقطة، لم يهتم كثيراً بشكل العمل الذي يؤديه، لأنه كان مؤمناً بأن الطريق دائماً يبدأ بالخطوة الأولى مهما كانت صغيرة.
***********
وهذا ما آمن به تماماً صاحبنا ذو العوينات المستديرة، والذي بدا الخطوة الأولى للتغيير في مصر حين انهى عمله كرئيس لوكالة الطاقة الذرية في فيينا، وقرر العودة في نوفمبر 2009 وفي خضم جدل سياسي حول انتخابات رئاسة الجمهورية عام 2011 والعوائق الدستورية الموضوعة أمام المترشحين بموجب المادة 76 المعدّلة في 2007 وتكهنات حول تصعيد جمال ابن الرئيس السابق محمد حسني مبارك، وأعلن احتمال ترشحه لانتخابات الرئاسة في مصر مشترطًا لإعلان قراره بشكل قاطع وجود "ضمانات مكتوبة" حول نزاهة وحرية العملية الانتخابية.
فثار ردود أفعال متباينة في الشارع السياسي المصري، حيث اعتبره البعض رسالة محرجة للنظام من شخصية ذات ثقل دولي مفادها أن عملية تداول السلطة في مصر تحتاج إلي إعادة نظر. بينما رأي آخرون أن تصريحه يعد مسعي حقيقيا لفتح آفاق جديدة للحياة السياسية "المخنوقة" في مصر، حسب وصفه.
قبل أن يخوض معاركه واحدة بعد الأخرى، من آجل نشر فكر التغيير في مصر.
******************
كذلك كان صاحبنا ذو العوينات المربعة مؤمناً بالتغيير، لذلك بدأ في كتابة فيلمه، يدفعه إحساس قوي بالرغبة في تقديم ماهو جديد وجاد، دون النظر الى إمكانية تنفيذه أو عدمها. وإستغرق في كتابة السيناريو عاماً ونصف العام من التفرغ التام ، متناسياً حتى أزمته المالية، بوالرغم من العروض الكثيرة التي كانت تعرض عليه لتصميم وتنفيذ الديكور الذي اشتهر وعمل به طيبة عقد كامل، إلا أنه وجد نفسه غير قادر على عمل أي شيءسوى فيلمه الأول، وشعر بأنه سيكذب عليهم وعلى نفسه لو قبل بالعمل فيها.
وبعد الإنتهاء من السيناريو ، بدأ في بالبحث عن طريقة لتنفيذه، وقتها كان يعمل مع المخرج العالمي روسيلليني، فعرض عليه السيناريو، وبعد أن قرأه لم يصدق بأن هذا السيناريو يبحث عمن ينفذه. فأخذه فوراً الى وزير الثقافة المصري، وكان ذلك بمثابة تزكية وإعتراف صادق من مخرج عالمي كبير، بأهمية الفيلم وأهمية تنفيذه، لذلك دخل السيناريو ضمن مشاريع مؤسسة السينما، ليتم تنفيذ الفيلم ويحصد العديد من الجوائز العالمية التي تشير إلى فنان مختلف قد يضع السينما المصرية والفن في مصر في مسار جديد.
التغيير الذي اشار إليه ذو العوينات المستديرة، كان سيضع مصر ايضاً في مسار جديد، لذلك تمت محاربته بقسوة من نظام التحم بالسلطة، واعتنقها، وعبدها، ونسى كل ما سواها، وبدأ تشويهه رسمياً عن طريق الإعلام الرسمي، صحف وفضائيات وقنوات أرضية، اتهموه بالماسونية دون أن يعرف أكثر من 90% من الشعب المصري ما هي الماسونية، اتهموه بالعمالة، واتهموه حتى بالكفر، وحتى بعد ثورة يناير، استمرت الإتهامات من الإسلاميين تارة، ومن فلول النظام تارة، ليقرر الرجل ذو العوينات المستديرة، الشهير بـ"محمد البرادعي"، الإنسحاب من سباق الرئاسة، لتقضي مصر وشعبها على حلم جميل، لامس خيال مصر النائمة في الفساد، فأيقظها، ويعود الرجل إلى بيته هذه المرة راكباً سيارته، دون أن يسأل نفسه وماذا بعد، فعليه للمرة الأولى أن لا ينظر للمستقبل، لضيق الحاضر.
******************
أما صاحبنا ذو العوينات المربعة، فبعد نجاح فيلمه الأول، وكتابة فيلمه الثاني، وبحثه عن وسيلة لإنتاجه، وبعد توليه رئاسة مركز الفيلم التجريبي التابع لهيئة السينما، وصناعة أربعة افلام قصيرة، غلا أن حلم تقديم "اخناتون" بقى مسيطراً عليه، وبسبب تعنت المؤسسة الرسمية، الجهة المنتجة شبه الوحيدة في ذلك العصر التي تستطيع إنتاج فيلم في ضخامة هذا السيناريو، صرح صاحبنا الشهير بـ"شادي عبدالسلام" يوماً أنه قد يعتزل العمل السينمائي، وإنه سينصرف الى تربية الدواجن.
قبل أن يعود إلى بيته يوماً في نهاية عام 82، حريصاً على عدم التفكير في الغد، محتضناً سيناريو إخناتون، مشاهداً لفيلمه المومياء، حتى رحمه المرض من قسوة الأجهزة الثقافية المسئولة عن الإنتاج السينمائي التي شلت فناناً حلم بالتغييرن فكان حلماً مس الواقع الفني في مصر، وكاد أن يجمله، لولا أنه يعتنق القبح.
كلاهما زماراً لم يطرب حيه، ونبي مهان في وطنه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق