21‏/05‏/2013

الخرفان المقدسة (القاهرة 2090)


صفرت الرياح عبر ذلك الطريق الترابي المعبد الذي يصل ما بين حي العباسية وما كان يعرف باسم مطار القاهرة، والذي عُلقت على إحدى حوائطه يافطة زرقاء بهت لونها بفعل الزمان، مكتوب عليها طريق "حسن البنا".."صلاح سالم" سابقاً.
واحتمى بعض المارة من تلك الرياح الترابية بالمباني المتهدمة لأرض المعارض، التي تحولت لساحة كبيرة لصلاة العيد خلال الـ20 عاماً الأخيرة، وتم هدم كل صالاتها ماعدا بعض المباني الإدارية التي قام معها الزمن بنفس الواجب لكنه كان أكثر رحمة فترك أطلالاً .
وعلى الجانب الأخر وعلى "مدد الشوف" احتلت المباني الصاجية التي تسكنها بعض العائلات، والتي تطلق عليها الحكومة "مساكن المشاة"، نسبة إلى رواية قديمة تشير إلى وجود إدارة المشاة وبعض المنشأت العسكرية في تلك المنطقة.
استغل شرطي المرور الذي انتفشت لحيته وتبعثرت بفعل الرمال الدقيقة الناعمة، وتحول لون جلبابه الأبيض إلى اللون الأصفر ذاته الذي غطى السماء ، سكون لحظي للريح ليتيح لبعض الناس عبور الطريق.
عبر بعض الأطفال العراة سريعاً وتبعتهم سيدات ارتدين النقاب ليلحقوا بسيارة الماء التي استظلت ببقايا شجرة قديمة في منتصف الطريق، ولكي يضمن الجندي المسؤول عدم تعطيل الطريق، اكتفى بعد التفاهم مع جندي المرور، على منع الملأ الفردي، وطالب الجميع، بالتجمع عند مسجد "عين شمس" المواجه لنفق العباسية لملأ "الجراكن" من خزانه الكبير قبل صلاة المغرب.
وقبل أن ينصرف الجميع، أطلق شرطي المرور صفارات متقطعة، بينما تسمر جندي المياه مكانه، واحتلت عيون الناس نظرة رعب وحيرة، لينحني الجميع في تتالي - يشبه سقوط قطع الدومينو - ساجدين لقطيع من الخرفان المقدسة التي خرجت من مزرعة "ستاد القاهرة" تريد الكلأ.