19‏/08‏/2011

سليمان خاطر يبتسم من جديد


في الوقت الذي تبكي فيه ثلاث امهات ابنائهن الذين سالت دماهم على رمال سيناء، التي فيما يبدو قد أدمنت الدم، كان الشهيد سليمان خاطر يبتسم ساخراً في الأعالي، وفي ذات الوقت الذي حاول فيه البعض الاستفادة من الحدث، والترويع والترويج لفكرة أن اسرائيل على بوابة مصر الشرقية تستعد لاقتحامها، وان جيشنا يستعد لصدها، كان سليمان يتكأ في جلسته بجوار عازف الربابة المفضل لديه ليروي قصته، ذلك الفتى الشاب الذى كان يقوم بنوبة حراسته المعتادة بمنطقة رأس برقة أو رأس برجة بجنوب سيناء، اثناء فترة خدمته وتجنيده في الامن المركزي، ثم فوجئ بمجموعة من السياح الإسرائيليين يحاولون تسلق الهضبة التي تقع عليها نقطة حراسته فحاول منعهم وأخبرهم بالانجليزية أن هذه المنطقة ممنوع العبور فيها قائلا: (بالإنجليزية: stop no passing) إلا انهم لم يلتزموا بالتعليمات وواصلوا سيرهم بجوار نقطة الحراسة التي توجد بها أجهزة وأسلحة خاصة فأطلق عليهم الرصاص. كانت المجموعة تحتوي 12 شخصا، فقتل منهم سبعة في الخامس من أكتوبر عام 1985.
ثم تمت محاكمته عسكريا، ثم صدر الحكم عليه في 28 ديسمبر عام 1985 بالأشغال الشاقة المؤبدة لمدة 25 عامًا، وتم ترحيله إلى السجن الحربي بمدينة نصر بالقاهرة. بعد أن صدر الحكم علي خاطر نقل إلى السجن ومنه إلى مستشفى السجن بدعوى معالجته من البلهارسيا، وهناك وفي اليوم التاسع لحبسه، وتحديداً في 7 يناير 1986 أعلنت الإذاعة ونشرت الصحف خبر انتحار الجندي سليمان خاطر في ظروف غامضة.
ثم صدر قرار بمنع التحاق اي حامل مؤهل دراسي بالامن المركزي ، خوفا من تكرار ما فعله سليمان، والذي قال عنه مبارك "إنني في غاية الخجل، فقد قام أحد جنودي بفتح النار على مجموعة من الإسرائيليين اخترقوا الحدود، مما أدي إلى قتل سبعة منهم" !!!
********
من المؤكد ان واحداً من الشهداء الثلاثة لم يسمع سليمان عقب صدور الحكم عليه بالمؤبد حين قال "أنا لا اخشي الموت... ولا أرهبه... إنه قضاء الله وقدره، لكنني أخشي أن يكون للحكم الذي سوف يصدر ضدي آثار سيئة على زملائي ، تصيبهم بالخوف وتقتل فيهم وطنيتهم".
لأنهم لم يخافوا، وكيف يخاف جندي يحمل سلاحاً على أرض مصرية، الا أن يد الغدر التي قتلت سليمان في محبسه، امتدت لتسرق أعمارهم، بنفس الخسة والحقارة.
*******
وما بين سليمان الذي قال في مصر "أفكر في مصر أمي، أتصور أنها امرأة طيبة مثل أمي تتعب وتعمل مثلها، وأقولها يا أمي أنا واحد من أبنائك المخلصين.. من ترابك.. ودمي من نيلك. وحين أبكي أتصورها تجلس بجانبي مثل أمي في البيت في كل إجازة تأخذ رأسي في صدرها الحنون، وتقول: لا تبكي يا سليمان، أنت فعلت كل ما كنت أنتظره منك يا بني".
وبين هؤلاء الجنود الذين ما رأوا مصر اما يوما ما، ولم يشهدوا سوى تلك القسوة ما بين تضاريس الحياة، وقهر الفقر، ليصلوا الى مرحلة تجنيدهم، فيصيبهم الذل أيضا، افيحلمون بان تنتهي فترة التجنيد ليعاودوا الارتماء في احضان الفقر وحده، بجوار الارض التي كانت يوما ما طيبة.
*******
سليمان الذي نحروه قال البيان الرسمي عن انتخاره انه تم بمشمع الفراش، ثم قالت مجلة المصور أن الانتحار تم بملاءة السرير، وقال الطب الشرعي أن الانتحار تم بقطعة قماش من ما تستعمله الصاعقة. أمام كل ما قيل، تقدمت أسرته بطلب إعادة تشريح الجثة عن طريق لجنة مستقلة لمعرفة سبب الوفاة، وتم رفض الطلب مما زاد الشكوك وأصبح القتل سيناريو اقرب من الانتحار.
وجنودنا الذين يحاولون الان الترويج لنحرهم، بعد دفعهم في مهمة غامضة لم نعرف ملامحها حتى الان، سوف يصدر بيان اخر يخصهم قريبا، يحتوى على نفس الزيف، ولكنه هذه المرة يعطيهم الحق في ان يكونوا شهداء، الفارق ما بينهم وبين سليمان، أن الخسيس الذي قتله من مصلحته أن يجعله منتحرا، أما الخسيس الذي ساهم في قتل شهداء الأمس فمصلحته تحتم أن يكونوا شهداء، والفارق ما بين خسيس وخسيس ،تنحي واستفتاء
*******
ولكن علينا ألا ننسى قبل أن نبكي على شهدائنا أن خلال السنوات العشر الأخيرة قتل العدو الصهيوني لنا 15 شهيداً اخراً، وأصاب حوالي 7 اصابات خطيرة، دون أن يطرف لنا جفنا أو يهتز رمش، دون أن يصرخ احد قادة جيوشنا ويطالب بتهذيب العدو المتطاول، دون أن نسمع عن اغلب تلك الحالات، حينها كان سليمان يبكي ويستقبل زملائه الشهداء في موقعه المفضل بالجنة، اما شهداء اليوم، فهو في انتظارهم ليسمع سؤالهم حين يغني عازف الربابة مقولته التي قالها في السجن "طب السلاح ده أنا واخده ليه؟...... عشان ارقص بيه عشرة بلدي.... ولا عشان ادافع بيه عن تراب بلدي؟"، عن ما عاد لمصر من دمائهم، حتى يجيب قائلا" ولابد من يوم معلوم تترد فيه المظالم".
******
كشف بأسماء شهداء الصمت، اقرأوا لهم الفاتحة :

نوفمبر 2000 أصيب مواطن مصري يدعى سليمان قمبز وعمته برصاص إسرائيلي حينما كانا يجمعان محصول الزيتون بميدان صلاح الدين برفح سيناء

أبريل 2001 أصيبت سيدة مصرية بطلق ناري إسرائيلي أثناء وجودها بفناء منزلها القريب من الحدود مع غزة في مدينة رفح سيناء

أبريل 2001 قتل شاب مصري يدعى ميلاد محمد حميدة برصاص جنود إسرائيليين عندما حاول الوصول إلى غزة عبر بوابة صلاح الدين في رفح سيناء

مايو2001 أصيب مجند مصري يدعى أحمد عيسى برصاص إسرائيلي عندما كان يؤدي عمله على الحدود في رفح بِ شمال سيناء

مايو2001 أصيب مواطن مصري يدعى زامل أحمد سليمان (28 عاما) بنيران إسرائيلية في ركبته أثناء جلوسه بمنزله فِي رفح سيناء

يونيو 2001 قتل مجند يدعى السيد الغريب محمد أحمد بعد إصابته بأعيرة نارية إسرائيلية في الحدود الفاصلة بين مصر وإسرائيل

سبتمبر 2001 أصيب ضابط مصري برتبة نقيب يدعى عمر طه محمد (28 عاما) بطلق ناري وعدة شظايا في الفخذ اليسرى بنيران إسرائيلية برفح

نوفمبر 2001 أصيب ضابط الشرطة المصري الرائد محمد أحمد سلامة بالرصاص الإسرائيلي أثناء دورية له في منطقة الحدود برفح

ديسمبر 2001 أصيب الشاب المصري من أهالي رفح سيناء محمد جمعة البراهمة 17 عاما في كتفه بطلق ناري إسرائيلي

فبراير2002 أصيب الطفل فارس القمبز (5 سنوات) بشظية نيران إسرائيلية في فخذه أثناء لعبه وحده بفناء منزله في رفح سيناء

نوفمبر 2004 دبابة إسرائيلية تقتل ثلاثة جنود مصريين على الجانب المصري برفح على الحدود مع غزة

ديسمبر2007 قتل المجند المصري محمد عبد المحسن الجنيدى بطلق ناري إسرائيلي في رفح سيناء على الحدود مع غزة

يناير 2008 قتل المواطن حميدان سليمان سويلم (41 عاما) من رفح سيناء برصاص إسرائيلي أثناء ذهابه لعمله

فبراير 2008 قتلت الطفلة سماح نايف (14 عاما) برصاص القوات الإسرائيلية أمام منزلها على الحدود قرب معبر كرم سالم

مايو 2008 قتلت القوات الإسرائيلية المواطن سليمان عايد موسى (32 سنة) بحجة تسلله داخل الأراضي الإسرائيلية قرب كرم سالم

مايو 2008 قتل عايش سليمان موسى (32 عاما) برصاص الجيش الإسرائيلي عند منفذ العوجة

يوليو 2008 قتل الضابط بالجيش المصري محمد القرشي بنيران القوات الإسرائيلية برصاص إسرائيلي على الحدود

سبتمبر 2008 قتلت القوات الإسرائيلية المواطن سليمان سويلم سليمان (26 عاما) من منطقة القسيمة بوسط سيناء بحجة أنه حاول التسلل

ديسمبر 2008 قتل فلسطيني وضابط مصري في تبادل لإطلاق النار عند معبر رفح بعد محاولة العشرات من سكان غزة اقتحام المعبر هربا من قصف إسرائيلي، وقالت مصر إن الضابط قتل برصاص حركة حماس.

أغسطس 2009 قال الجيش الإسرائيلي إن جنوده أصابوا بالرصاص جنديا مصريا بعد أن ظنوا خطأ أنه "عدو يحاول التسلل عبر الحدود"

فيلم وثائقي عن البطل الشهيد سليمان خاطر

هناك 3 تعليقات:

محمود المصري يقول...

نسأل الله الرحمة لجميع شهدائنا .. :(

غير معرف يقول...
أزال أحد مشرفي المدونة هذا التعليق.
غير معرف يقول...

أرجو أن تحذف التعليق السابق - وهذا معه بعد قراءته، فهو عارض للعلم فقط ولا يتعلق بالموضوع