طفلان شقيان يهربان يومياً من كُتاب قريتهما وشيخه عبدالرحمن النجار، صاحب العصا الغليظة والعقاب السريع الجاهز، يسيران لمسافة 7 كيلومترات من قرية ميت غزال وحتى قرية الدفرة ليلعبا سوياً بعيداً عن أعين الرقباء، وعن التزام الدرس فى «الكُتاب»، ولأن مصير أحدهما ارتبط بكتاب الله بما يشبه النذر، كان أهالى تلك القرية يعودون بالطفلين إبراهيم الشال ومصطفى إسماعيل إلى شيخهما، ليعيد تهذيبهما على «الفلكة»، مما أدى لتأخر حفظ مصطفى إسماعيل القرآن حتى أتم الثانية عشرة من عمره، ورفض شيخه أن يفرط فيه ويتركه للهو بسبب حلاوة صوته وسرعة حفظه، فقدم للتلاوة والتجويد المقرئ الملكى مصطفى إسماعيل، الذى التقى بعدها مصادفة بالشيخ محمد رفعت، وقرأ عليه القرآن، فأشاد بإمكانياته وطلب منه إتقان أحكام التجويد، وفنون التلاوة، ليكون نبوءة محمد رفعت الواجب تحقيقها، فأخذ «مصطفى» على نفسه عهداً بإتقان التجويد عن طريق أهل ذلك العلم، فلزم الشيخ محمود حشيش، وكان من قرَّاء المعهد الأحمدى، الذى تعهد الشيخ بالمتابعة والتوجيه، إلى أن تحقق المراد.
لم يكن اهتزاز القطار فى الطريق من طنطا إلى القاهرة ذلك اليوم فى منتصف القرن الماضى ناتجاً عن القضبان الحديدية، بل كان يهتز طرباً لحدث ينتظر هذا الشيخ الشاب، الذى أخذ يرتل الآيات القرآنية فى سره متابعاً قطرات المطر، التى غسلت زجاج العربة ليبدو كل ما خارجها واضحاً نقياً أمام الشيخ.
وصل قبل موعد بدء الاحتفال بمسجد الإمام الحسين إلى حفل الإذاعة الذى دعاه إليه الشيخ محمد الصيفى، أحد أساتذته، واستعد ليسمع ويتعلم من قراءة الشيخ عبدالفتاح الشعشاعى، الذى غاب بعد أن أصابه الشتاء وتقلبه بالمرض، ليصر شيخه على أن يتقدم مصطفى إسماعيل ليتصدر الحفل بآيات الذكر الحكيم، ليقرأ صاحب الصوت الملائكى سورة التحريم لمدة نصف ساعة بدأت من الساعة الثامنة حتى الثامنة والنصف وسط استجابة الجمهور، وما إن انتهى من قراءته، حتى أقبل عليه الجمهور يقبله ويعانقه ويستمع الملك فاروق إلى تلاوة الشاب، التى يحسبها السامع تسابيح الملائكة، فيأمر بتعيينه قارئاً للقصر الملكى قبل أن يتم اعتماده قارئاً بالإذاعة فى سابقة لم ولن تحدث فى تاريخ مصر.
فى نفس هذا التوقيت كان أحد المعتقلين السياسيين حريصاً على تقليد قراءة الشيخ مصطفى إسماعيل فى المعتقل، حيث اعتبر القراءة سلوته وحريته، التى يعبر بها جدران السجن، وبعد سنين من هذا الاعتقال كان محمد أنور السادات قد صار رئيساً لمصر، حين توفى الشيخ الجليل الذى كان صاحب نَفَس طويل فى القراءة التجويدية، فكان صاحب مدرسة جديدة فى أسلوب التلاوة والتجويد، وسجَّل بصوته القرآن الكريم كاملاً مرتلاً، وترك وراءه العديد من التسجيلات المجوَّدة، وكان رحيله كما أراد وقابل وجه ربه يوم الجمعة 22 ديسمبر 1978، وهو يقرأ القرآن الذى مازال يتردد بصوته فيهز أفئدة المسلمين من شرق الدينا لغربها.
لم يكن اهتزاز القطار فى الطريق من طنطا إلى القاهرة ذلك اليوم فى منتصف القرن الماضى ناتجاً عن القضبان الحديدية، بل كان يهتز طرباً لحدث ينتظر هذا الشيخ الشاب، الذى أخذ يرتل الآيات القرآنية فى سره متابعاً قطرات المطر، التى غسلت زجاج العربة ليبدو كل ما خارجها واضحاً نقياً أمام الشيخ.
وصل قبل موعد بدء الاحتفال بمسجد الإمام الحسين إلى حفل الإذاعة الذى دعاه إليه الشيخ محمد الصيفى، أحد أساتذته، واستعد ليسمع ويتعلم من قراءة الشيخ عبدالفتاح الشعشاعى، الذى غاب بعد أن أصابه الشتاء وتقلبه بالمرض، ليصر شيخه على أن يتقدم مصطفى إسماعيل ليتصدر الحفل بآيات الذكر الحكيم، ليقرأ صاحب الصوت الملائكى سورة التحريم لمدة نصف ساعة بدأت من الساعة الثامنة حتى الثامنة والنصف وسط استجابة الجمهور، وما إن انتهى من قراءته، حتى أقبل عليه الجمهور يقبله ويعانقه ويستمع الملك فاروق إلى تلاوة الشاب، التى يحسبها السامع تسابيح الملائكة، فيأمر بتعيينه قارئاً للقصر الملكى قبل أن يتم اعتماده قارئاً بالإذاعة فى سابقة لم ولن تحدث فى تاريخ مصر.
فى نفس هذا التوقيت كان أحد المعتقلين السياسيين حريصاً على تقليد قراءة الشيخ مصطفى إسماعيل فى المعتقل، حيث اعتبر القراءة سلوته وحريته، التى يعبر بها جدران السجن، وبعد سنين من هذا الاعتقال كان محمد أنور السادات قد صار رئيساً لمصر، حين توفى الشيخ الجليل الذى كان صاحب نَفَس طويل فى القراءة التجويدية، فكان صاحب مدرسة جديدة فى أسلوب التلاوة والتجويد، وسجَّل بصوته القرآن الكريم كاملاً مرتلاً، وترك وراءه العديد من التسجيلات المجوَّدة، وكان رحيله كما أراد وقابل وجه ربه يوم الجمعة 22 ديسمبر 1978، وهو يقرأ القرآن الذى مازال يتردد بصوته فيهز أفئدة المسلمين من شرق الدينا لغربها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق