30‏/11‏/2013

أرشيفي الصحفي .. الشيخ محمد الهلباوي.. بشارة ذي النون المصري

قال يوسف بن الحسين الرازى: «حضرت ذا النون، فقيل له: يا أبا الفيض، ما كان سبب توبتك؟ قال: نمت فى الصحراء، ففتحت عينى فإذا قنبرة عمياء سقطت من وكر، فانشقت الأرض، فخرج منها سُكُرُّجَتان ذهب وفضة، فى إحداهما سمسم، وفى الأخرى ماء، فأكلت وشربت. فقلت: حسبى، فتبت ولزمت الباب إلى أن قبلنى».

كان ذو النون المصرى، ثوبان بن إبراهيم، أحد أعلام التصوف فى القرن الثالث الهجرى، ومن المحدثين الفقهاء، ولد فى أخميم فى مصر سنة 179 هـ الموافق 796م، وتوفى سنة 245 هـ الموافق 859م.

وربما كان شيخنا محمد الهلباوى تمام كلمته، ذلك الطفل المولود فى باب الشعرية فى القاهرة يوم 2 سبتمبر 1946، والذى حفظ القرآن كاملاً على يدى جده وسميه الشيخ محمد الهلباوى الذى كان شيخا بقرية «ميت كنانة» فى محافظة القليوبية، قبل أن يحصل على إجازة التجويد من الأزهر الشريف.

قال ذو النون المصرى: «الاستغفار جامع لمعان، أولها: الندم على ما مضى. الثانى: العزم على الترك. الثالث: أداء ما ضيعت من فرض لله. الرابع: رد المظالم فى الأموال والأعراض والمصالحة عليها. الخامس: إذابة كل لحم ودم نبت على الحرام. السادس: ذوق ألم الطاعة كما وجدت حلاوة المعصية».

كانت تلك الكلمات التى يرددها محمد الهلباوى أثناء التحاقه بمعهد الموسيقى العربية لدراسة علوم النغم والأصوات والمقامات، قبل أن يزيد التبحر فى العلم والثقافة يقراءة «تاريخ الموسيقى» لجورج فارمر، وكتاب «الأغانى» لأبى الفرج الأصفهانى وغيرهما.

لم يكتف كذلك الشاب محمد الهلباوى، الذى بدأ تلاوة القرآن وإنشاد السيرة النبوية والتواشيح الدينية وعمره لم يتجاوز الخامسة عشرة، بالقراءة والدراسة بل بدأ فى تقليد مشاهير قراء القرآن الكريم: الشيخ محمد رفعت، والشيخ طه الفشنى، والشيخ منصور الشامى حتى توصل لشخصيته الصوتية المستقلة، التى رسّخت له قدماً فى دولة التلاوة وسط «الكبار».

 قال يوسف بن الحسين: «حضرت مع ذى النون مجلس المتوكل، وكان مولعا به، يفضله على الزهاد، فقال: صف لى أولياء الله. قال: يا أمير المؤمنين، هم قوم ألبسهم الله النور الساطع من محبته، وجللهم بالبهاء من إرادة كرامته، ووضع على مفارقهم تيجان مسرته».

ولطالما كان الشيخ محمد الهلباوى خلال كل المهرجانات الدولية التى ابتهل وأنشد فيها، وتلك المحاضرات التى ألقاها فى جنوب أفريقيا وفرنسا وإيران مجللاً بنور الله الساطع فى محبة مستمعيه وتلاميذه.

انضم للإذاعة عام 1979 مبتهلاً وموشحاً، وانضم إلى أساطير الغناء الصوفى فى قلوب عشاقه فى مصر منذ تعلم النطق، كما يقول مريدوه.

وتوفى  في 16 يونيو 2013.

ليست هناك تعليقات: