18‏/01‏/2014

أرشيفي السينمائي : «أحمد زكي» للتشخيص رب يحميه..المشخصاتي يصنع دولته

دولة القانون :

ضابط شريف يعمل في مباحث الأداب، فشل في حياته لانه أحب عمله، وفشل في عمله لأنه لا يحب القانون، يعتبره عقيما يحمي الفاسدين، "باشا" لا تحميه "باشويته" أمام "باشوية" الفاسدين، وضابط أخر تحول إلى تاجر مخدرات بأوامر قادته الذين خرجوا للمعاش وتركوا الخدمة، بعد فترة يتوه الضابط بين مهنته الأصلية والمنتحلة، ويخرج الضابط من "أرض الخوف" حالما بالعودة إليها، ومجند "بريء" يلبي نداء العلم، يخدعه قادته حتى يكتشف الحقيقة بنفسه، ينتقم لنفسه وصديقه، بعدما خدش التجنيد براءته، ومحام فاسد يعمل في قضايا التعويضات "ضد الحكومة" يتحول بسبب ابنه المكتشف إلى كاشف للحقيقة، ومحارب للفساد الذي صاحبه طيلة عمره، ومجرم هارب بحثا عن جريمة شرف بحكم "صعيديته"، أدمن "الهروب" والانتقام من كل من تسبب في خيانته، تستغله الشرطة ذاتها للتغطية على بعض جرائمها.

وما بين ضابط ومحام ومجند وضابط ومجرم هارب تبدو دولة القانون التي شخصها أحمد زكي في أفلامه الخاصة فاسدة ملوثة خاضعة للفساد، تحمل داخلها تلك الروح الإنسانية التي لا ينبغي لها أن تكون ملاكا، ولم يكتب لها أن تكون شيطانا، فقط انسانا ضمن منظومة دولة القانون التائه، قدمه أحمد زكي  كما كان في الواقع تماما

*****

دولة الغلابة:

"إحنا صغيرين قوي يا سيد"..هو كذلك سيد المصور الجوال في "اضحك الصورة تطلع حلوة"، الذي لا يملك سوى ابنته وامه والحلم الذي يسع المستقبل، الذي يخوض حربا طبقية لا ناقة له فيها ولا جمل، مساندا لحب ابنته لشاب ينتمى لطبقة اعلى، بينما يعيش "زين" في "هيستريا" متجاوزا حلمه، يغني في المترو صباحا وفي الأفراح ليلا، يعاني شظف العيش لكنه يعشق الحياة، وفي "كابوريا" كان حسن الهدهد  يبحث عن حلم يصنع مستقبلا، وأجبرته الصدمة الطبقية على  نسيان الحلم والاستمتاع بالضياع قبل أن يفيق.

وفي دولة الغلابة ما بين قانع محارب لتحقيق حلمه محترما ظروفه، ومابين متجاوزا قرر التعايش والتكيف مع الواقع، وأخر أضاع حلمه امام الصراع الطبقي حتى افاق، "غلابة" أحمد زكي يشبهون هؤلاء الملايين الذين يسكنون قرى مصر ومدنها، يركبون المترو صباحا ومساء وبين جنباتهم حلم يبحث عن الطريق.

****

دولة السيادة:

"ناصر 56" يتقمص أحمد زكي شخصية جمال عبدالناصر في أوج قوته، عند اتخاذ قرار تأميم القنال، ينقل التاريخ من وجهة نظرا "ناصرية" بحتة، ينتمي المشخصاتي الحقيقي للشخصية بغض النظر عن التاريخ، وفي "أيام السادات" يعاود زكي الانتماء للشخصية بعرض تاريخ الرئيس الراحل من وجهة نظر "ساداتية" بحتة، ينتصر المشخصاتي للمرة الثانية على التاريخ، وفي المرة الأخيرة، خلال فيلم النهاية يؤدي زكي دور عبدالحليم حافظ زعيم دولة الغناء، ينتصر المرض تلك المرة على المشخصاتي ولا يستطيع المشخصاتي الانتصار على التاريخ، ويرحل زكي في أحضان حليم.

في الواقع احب من كرهوا جمال عبدالناصر، "ناصر" زكي، وكذلك فعل من يكرهون السادات أمام "سادات" زكي، وتعاطف الكل مع "حليم"، انتصر زكي لموهبته ومهنته، ورحل تاركا أيقونات سينمائية تستعرضها المناسبات في غياب التاريخ.

****

ومابين دولة قانون فاسدة وعدالة تائهة ومستضعفون حالمون يحارب المجتمع أحلامهم بكل الوسائل الممكنة، وقيادة سياسية وفنية (نخبة) معزولة ومشغولة بنفسها كانت مصر لمدة 60 عاما كما قدمها فنان حقيقي ترك بصمته.

ليست هناك تعليقات: