قال العرباض - وهو ممن نزل فيهم
قول الله ( ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه تولوا وأعينهم
تفيض من الدمع حزنا ألا يجدوا ما ينفقون ) - : صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم
الصبح ذات يوم ، ثم أقبل علينا ، فوعظنا موعظة بليغة ذرفت منها العيون ، ووجلت منها
القلوب ، فقال قائل : يا رسول الله ، كأنها موعظة مودع فما تعهد إلينا ؟ فقال :
"أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة ، وإن كان عبدا حبشيا ، فإنه من يعش منكم فسيرى
اختلافا كثيرا ، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين ، فتمسكوا بها وعضوا
عليها بالنواجذ ، وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل
ضلالة في النار" .
ويخص مقالنا في من هذا الحديث ذلك الجزء "وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل
محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار"، وأنتم يا شيوخ الفضائيات
أحدثتم بعملكم كرجال دين، ولم يكن في الإسلام على عهد رسول الله والصحابة التابعين
والأئمة الأربعة الكبار ما يسمى برجل الدين، رسل الله كانوا يعملون، نوح كان
نجارا، إدريس كان خياطاً، داوود كان حداداً، ومحمد كان يرعى الغنم، وكان أبو بكر الصديق
تاجر أقمشة، وعثمان بن عفان كان تاجرا، وعبد الرحمن بن عوف كان تاجراً، والزبير بن
العوام كان خيّاطاً، وسعد ابن ابي وقاص كام نبالاً يصنع نبل الحرب، وكان الامام
ابو حنيفة تاجراً، وكان الإسلام حريصاً على أن لا يكون هناك صلة بين العبد وربه،
لذلك لا رجال دين في الإسلام، تركوا العمل وتفرغوا للمتاجرة بالدين والتكسب منه، والله
لقد استحدثتم بدعة، وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
ولا يدعي أحدكم أنهم رجال علم لا دين، لأن كل من سبقت أسمائهم كانوا رجال
علم ولكن لا يتكسبون منه، وأنتم تتكسبون من علمكم، فيما ليس له سابقة في الأثر لا
في السنة ولا من الصحابة ولا الأئمة ولا التابعين، أنتم بدعة، أنتم في النار.
عفواً عزيزي القاريء عما سبق، فأنا أخاطب القوم بمثل خطابهم، يرفضون هذا
فيجدون مبرراً لتكفيره، يرهقهم هذا بعلمه الذي يفضح جهلهم، فيستخرجون حديثاً
يطوعونه كما يشائون لتكفيره، وللعجب قد يستخدمون الحديث ذاته – أو الآية القرأنية –
لتجميل نفس الشخص إن اضطرتهم الظروف لذلك.
ويقول بن تيمية - رحمه الله - : ولا
يجوز تكفير المسلم بذنب فعله ولا بخطأ أخطأ فيه، كالمسائل التي تنازع فيها أهل القبلة؛
فإن الله تعالى قال : الخوارج المارقون قاتلهم
أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه ، واتفق على قتالهم أئمة الدين من الصحابة
والتابعين من بعدهم ولم يكفرهم علي بن أبي طالب وسعد بن أبي وقاص وغيرهما من الصحابة،
بل جعلوهم مسلمين مع قتالهم .
ولم يقاتلهم الإمام علي حتى سفكوا الدم الحرام، وأغاروا على أموال المسلمين
فقاتلهم لدفع ظلمهم وبغيهم لا لأنهم كفار، ولهذا لم يَسْبِ حريمهم ولم يغنم أموالهم
.
وإذا كان هؤلاء الذين ثبت ضلالهم بالنص والإجماع لم يكفروا مع أمر رسول الله
- صلى الله عليه وسلم - بقتالهم، فكيف بالطوائف المختلفين الذين اشتبه عليهم الحق في
مسائل غلط فيها من هو أعلم منهم ؟، وأنتم تستهلون التكفير ورمي المحصنات والتحريم
كما تشائون، أولا تعلمون أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال (أجرؤكم على الفتيا أجرؤكم
على النار )، هل تعلمون أن من يتصدى للفتوى، يجب أن يكون قد درس 113 علماً، فكم
درستم.
والله لا أملك أن أكفركم، ولم يعط الله سبحانه وتعالى هذا الحق لبشري، أو
أدعي أنكم في النار، لأن هذا بعلم رب العالمين، تحرمون ما لا يوافق هواكم، وتمنعون
وتمنحون، وأنتم علة هذه الأمة، وأسوأ ما فيها، ولا أعمم هنا ولكني أخاطب شيوخ
السلفية الوهابية الذي يبتدعون ما لم ينزل الله به من سلطان، وما أتاه نبيهم محمد
بن عبدالوهاب، ومولته المملكة العربية السعودية، ووحي
"البترودولار"..... ألا تعرفون أن الامام الشافعي عدل فقهه عندما وصل
إلى مصر، لأن ما يناسب أهل العراق، لا ينبغي لأهل مصر....قبحكم الله من شيوخ.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق