21‏/01‏/2011

إجهاض


تتوقف الحافلة عند تلك المحطة المظلمة في طريق المطار.
يغادرها صاحبنا في هدوء مهتماً بتلك الحقيبة البلاستيكية الصغيرة التي يحملها في اهتمام بكلتا يديه .
يتلفت حوله كثيراً في قلق ، يعبر ذلك السور السلكى المتهالك، ثم يمد يده ليمسح الدموع المتساقطة من عينيه ،بعد ان حجبت رؤيته و أخفت عنه هدفه .
يعود لالقاء نظرة سريعة خلفه ، و يوغل فى اتجاه الصحراء .
يتوقف قليلا ..يتلفت حوله ثم ينحني ليجلس على الارض ، يضع الحقيبة بجواره ، ثم يبدأ بالحفر فى صمت معتمداً على ضوء القمر الشاحب .
تختلط دموعه برمال الصحراء التي تلتصق بيديه فلا يبالى ... ويستمر بالحفر.
يخرج ما فى الحقيبة يتأمله لحظات في صمت ، يعلو صوت بكائه حتى يغزو صمت الصحراء ، يضع ما في يده برفق في حفرته.
يتذكر سريعاً مراسم الدفن .... ينسى الكثير، يوسده التراب ، يُغسَله بالدموع.
يبكى أكثر و يستغفر الله كثيراً.
يقوم بإهالة التراب على ما وضعه ، يسجد حتى تلتصق جبهته بالارض ، يدعو في خشوع : يارب اغفرلي و ارحمني ، وإن لن ترحمني وأنا أستحق ذلك، فعذبني بعذاب أهل الأرض جميعا .......
ينهض مسرعاً ليغادر المكان ناسياً حتى ان ينفض غبار الصحراء عن وجهه، وصورة حزينة خانقة تتأرجح في مخيلته ، لحبيبته تبكى بين ذراعيه من الألم والخجل .

ليست هناك تعليقات: