09‏/02‏/2014

أرشيفي السينمائي : فيلم «نادي دالاس للمُشتريّن».. حب الحياة يصنع المستحيل

"عشق الحياة..يصنع المستحيل"
عبارة تختصر أحداث فيلم "Dallas Buyers Club" الذي يدور حول أفاق ومدمن للمخدرات يعمل كهربائيا ويكتشف اصابته بالإيدز عام 1985، حين انتشر الحديث عن المرض بعد اصابة الممثل الشهير "روك هادسون" به، والذي كان العامة يظنزن أنه لا يصيب سوى الشواذ، وبعد أن يخبره الأطباء أن ما تبقى له حيا هم 30 يوما فقط، يبدأ في رحلته الخاصة بحثا عن الحياة، التي لم يعشها من قبل وسط إدمانه وحياته العابثة اللاهية.
ذلك الرجل الأربعيني الذي يقوم بدوره الفنان "ماثيو ماكونهي" الذي يطلب من ربه علامة على قبول دعائه بإمكانية الحياة في ناد للتعري، ويرشو ممرضا من أجل جلب دواء تجربة لعلاج مرض الإيدز، قبل أن يكتشف طبيبا مفصولا في المكسيك، ويخوض بعدها معركة حول اثبات سمية هذا الدواء الذي وافقت عليه هيئة الأدوية الأمريكية، ويقدم بدلا منه دواء أخرا يحسن من أعارض المرض ويطيل من فترة حضانته وحياة المريض به.
ذلك الرجل عاشق النساء المصاب برهاب المثلية الجنسية الذي يقبل شريكا مثليا فقط من أجل حب الحياة، في سبيل انشاء ناد للمصابين بالمرض، يحصلون على علاجهم مقابل 400 دولار شهريا، والذي تطارده الولاية بشرطتها ورجال ضرائبها ورجال هيئة الأدوية، ويخسر حكما قضائيا يمنعه من تداول تلك الأدوية، لكنه ينتصر ويبقى حيا لمدة 7 سنوات كاملة، ويفتح بذلك بابا لاستخدام الدواء الذي استعمله في مجموعة من الأبحاث حول علاج مرض نقص المناعة المكتسبة "الإيدز".
قصة حقيقة نقلتها السينما عنوانها حب الحياة والتمسك بها، ألهمت صناعها فيلما صعبا للغاية على المشاهد المصري، الذي اعتاد على الحوصل على دوائه من صديقه في العمل أو جاره، أو حتى الطبيب الصيدلي، والذي يتعاطى أدوية غير مرخصة تتداولها إعلانات على الفضائيات التي يشاهدها ليلا ونهارا، لكنها فضحت التجارة بالدواء في أمريكا وقدرة شركات الأدوية الكبرى على تمرير بعض العقارات الضارة دون الإلتفات إلى تلك الدراسات التي تفضحها.
ويقدم "ماثيو ماكونهي" أروع أدواره على الإطلاق خلال هذا الفيلم، خاصة تلك اللحظات الخاصة بأعراض المرض وفقدان سيطرته على نفسه، وكذلك التحول وقبول الأخر الذي رفضه هو نفسه يوما، كما قدم ذل التحول الحاد في شخصية بطل الفيلم اللاهي الذي صار صاحب قضية مشغولا بها ويحيا فقط من أجلها، ذلك الكهربائي الذي قدم بحثا طبيا افاد البشرية،لكن يبقى الأداء الأروع في الفيلم للممثل الشاب "جيرد ليتو" الذي أدى ادوارا صغيرة من قبل في أفلام "Panic Room " و"Fight Club " والذي يلعب دور شاب مثليي الجنس يضع مساحيق التجميل ويرتدي زي نسائي طوال أحداث الفيلم، ويساعد صديقه الذي تعرف عليه في المستشفى على إنشاء نادي العلاج من مرض الإيدز المصاب به هو الأخر، والذي يخوض معه معركته الضارية قبل أن يموت بسبب المرض، وهو الدور الذي ترشح عليه لجائزة "أوسكار" أحسن ممثل مساعد..
فيلم "Dallas Buyers Club" هو أحد تلك الافلام المرشحة لجائزة "أوسكار" أفضل فيلم، والتي يتمنى المشاهد نهايتها لأنه يشعر بالخوف على مصير أبطالها، وقد تزعجه كثرة المصطلحات الطبية فيه، لكنها تترك ابتسامة عريضة في النهاية لأنها تخبرك أن على هذه الأرض ما يستحق الحياة، وأن في إمكاننا أن نصنع عالمنا ونخوض معاركنا من أجل ذلك، فقط لنحيا سعداء.

ليست هناك تعليقات: