27‏/08‏/2012

أرشيفي السينمائي : المليجي الاسطوري .... شريط سينما لن ينتهي





 الجندي الحقيقي يفضل الموت في ساحة المعركة، و المحارب صاحب العقيدة تسعده النهاية إذا جاءت بين ما بذل عمره من أجله، وفارسنا الفنان الكبير محمود المليجي الذي توفي منذ 27 عام قضى نحبه في موقع تصوير فيلم "أيوب" بعد أكثر من 50 عاماً من مصاحبة الكاميرا التي اعطاها حتى عشقته.
المليجي الذي انضم إلى فرقة الفنان فاطمة رشدي في بداية الثلاثينيات للعمل في بعض الأدوار الصغيرة، و الذي كلفه فشل فيلمه الأول "الزواج" ترك التمثيل والعمل في فرقة رمسيس نجيب كملقن، وكأنه لا يمكنه الحياة بعيداً عن فن التمثيل.
ذلك الفنان الذى اقنعه الممثل الكبير عزيز عيد في عشرينيات القرن الماضي أثناء انضمامه لفريق التمثيل في مدرسته أنه لا يصلح للتمثيل وعليه أن يبحث عن مهنة أخرى بل وزاد على هذا أن رفض أن يعطيه أى دور في مسرحية ختام الموسم المدرسي، قبل أن يخبره أن له مستقبلاً كبيراً و أنه فقط خشى عليه من الغرور، لم يعد للتمثيل إلا بعد أن استدعاه ابراهيم لاما لأداء دور "ورد" غريم "قيس بن الملوح" في فيلم "ليلة ممطرة" عام 1939 ليلتصق به دور شرير السينما لاكثر من 30 عاما، ختى استدعاه المخرج يوسف شاهين لأداء دور"محمد أبو سويلم" في فيلم الأرض، فابدع شريراً و تألق طيبا.
ذلك الفنان العبقري الذي صرح يوسف شاهين بأنه يخاف من نظراته و هو أمام الكاميرا، صاحب الأداء السلس والتلقائي، الذي نجح في تطوير أدائه التمثيلي عقداٍ بعد عقد رغم النجاح الذي كان يحققه،
فمن منتصف الثلاثينيات و من أدائه السطحي كشرير نموذجي لتلك الفترة يكتفي بتعبيرات و ألفاظ محددة و محفوظة إلى بداية الخمسينيات و تحديداً من فيلمي امير الإنتقام و ابن النيل عام 1950 حيث اعطي بعداً أخر للشر من خلال أداء مختلف و متوازن و غير كاريكاتوري، ثم إنتقاله في بداية الستينيات إلى شرير صاحب عمق قد تتعاطف معه أحياناً كما كان في أفلام صراع في الجبل و هارب من الايام و حتى في أدواره التاريخية كفيلم واإسلاماه و الناصر صلاح الدين، ليتخلص دور الشرير تماماً من كل المؤثرات الدرامية الساذجة و يصبح حياتياً مقبولاً طبيعياً.
محمود المليجي هذا الممثل العبقري الذي ابهر شاشة السينما فصنعت منه نجماً في سماء الفن، و الذي يهدي إليه مهرجان القاهرة السينمائي دورته الحالية تم تعريفه في "الويكيبيديا" على أنه ممثل مصري من أصول كردية، تماما كما ان محمد ابو سويلم من أم اجنبية.

ليست هناك تعليقات: