27‏/12‏/2013

سأخبر الله بكل شيء

يهرع سريعا بمجرد سماع صوت انفجار دانات المدافع التي أخذت تنتشر في حيه السكني، يصرخ في خوف شديد بحثا عن أمه، يدخل غرف المنزل الواحدة بعد الأخرى، وما من مجيب.
تختلط دموعه بحبات عرقه التي سالت رغما عن برد الشتاء، يرتجف من الخوف والبرد في ان واحد، ويعجز صراخه عن الارتفاع عن صوت الانفجارات.
يغادر الشقة مسرعا كما علمه والده الراحل قبل وفاته متأثرا بانفجار مشابه، يتعثر في السلم ويسقط على راسه.
يصرخ مجددا من الألم، ينهض رغما عنه، ويختلط الدم بذلك الخليط من الدموع والعرق.
يرتجف اكثر فاكثر رغم الجري بأقصى سرعة لديه.
يردد دون وعي أسماء والدته وأخوته ووالده الذي رحل، ولا تدوي في أذنه سوى أصوات الانفجارات.
تختل الرؤيا مع قسوة الفزع، وذلك اللهاث الذي أخذ يسحب انفاسه من كثرة الركض.
يقف للحظة، تخترق صدره شاظية فيسقط على الأرض مكانه.
يتنفس بعمق للمرة الأولى ويخفت صوت الانفجارات، يشير لعابر قائلا وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة رغم سنوات عمره التي لم تتخطى 10 سنوات
- سأخبر الله بكل شيء

16‏/12‏/2013

أرشيفي الفني .. ما يروى عن «مازنجر» و«جرندايزر» قبل ظهور «أوميجا»

كان الفنان "جو ناجاي" سعيدا بنجاح "مازنجر" في اليابان، كان يكسر تابوهات كل قواعد فنون الطفل بأول شخصية من شخصيات السوبر روبوت بقيادة الشاب الغاضب دائما "كوجي" الذي حارب Dr.Hell  الشهير بأبي الغضب ورجاله الفضائيين - خالصو الشر - الذي هاجموا اليابان - وكأنه ينتقم من جيوش الحلفاء التي ضربت بلاده بالقنابل النووية- ، وخلال  92 حلقة بثتها شبكة "فوجي تيليفجن" اليابانية في اليابان في الفترة من ديسمبر 1972م حتى سبتمبر 1974م، خاض "مازنجر" معاركه منتصرا رغم عجزه عن الطيران، ومع نهاية حلقاته قدم صانعه فيلما بعنوان "جريت مازنجر" قدم فيه السوبر روبوت الجديد الذي يقوده "تتسويا كابوتو" (أخ كوجي بالتبني) و قدم فيه أبو "كوجي" الدكتور "كابوتو" الذي اخترع "الجريت مازنجر" من معدن اقوي، والذي يحارب جماعة من  الأشرار تنتمي إلى العالم السفلي، والذين يريدون أيضا السيطرة على العالم بقياده "اشورا دانشوكن" (جنرال الظلام العظيم)، وسافر "كوجي" إلى الولايات المتحدة للدراسة في "ناسا"، وتم وضع "مازنجر" في المتحف الوطني تكريما له ولصانعه.

ثم يقدم "جو ناجاي" مسلسله الثاني "جرندايزر" والذي تدور قصته حول  "يوفو" الآلي العملاق الذي يقوده "دوق فليد"، أمير كوكب فليد الذى دمرته قوات نجم فيجا المتحالفة (لاحظ تشابه هذا التحالف مع الحلفاء الذين دمروا اليابان في الحرب العالمية الثانية)، ثم  يهرب دوق فليد بآلته جريندايزر إلى كوكب الأرض، وهناك يتبناه الدكتور آمون مدير مركز أبحاث الفضاء ويعطيه اسم دايسكي، ثم يأتي الدور على كوكب الأرض لتغزوه قوات فيجا، ويصبح على "جريندايزر" التصدي لهم، تتطور الحلقات شيئا فشيئا ويكبر فريق "جريندايزر"، حيث يساعده في الحرب كل من "كوجي" بطل السلسلة السابقة وقائد "مازنجر" الذي عاد من الولايات المتحدة، و"كابوتو" و"هيكارو ماكيبا" وأخته "ماريا" التي يتضح فيما بعد أنها استطاعت الهرب من "فليد" قبل دماره، ويقود كل منهم سلاحا طائرا من ابتكار الدكتور آمون.

يطور "جو ناجاي" شخصية أشراره هذه المرة، فنرى للمرة الأولى جوانيا طيبة فيهم، "فيجا" الكبير يحب ابنته "روبينا" ويظهر أبوة حنونة تجاهها، والقائد "جندال" كان وفيا ومخلصا لقائده "فيجا "الكبير  وقتل نصفه الأنثوي بعدما تأكد من خيانته، وأبدى الوزير "زوريل" حزنا عميقا على ابنه "زوريل" الصغير، وكان القائد "جوس" يذكر باستمرار اخته وأزهار وطنه.

لكن المسلسل الذي تم عرض 74 حلقة منه لم يلاقي نجاحا يذكر في وطنه الأم في اليابان، رفض الأطفال اليابانيون أن يشاهدوا بطلهم "كوجي" ابن بلادهم يؤدي دورا ثانيا خلف "دايسكي" ابن الفضاء، فقام الشركة المنتجة بدبلجة المسلسل إلى باقي اللغات وتم حذف الارتباط بين "مازنجر" و"جريندايزر" وتم تقديم "جريندايزر" كمسلسل منفصل لا وجود فيه لشخصية "مازنجر" داخل المتحف الوطني، وباللغة العربية في لبنان تم دبلجة المسلسل ليحصل فيه "كوجي" على اسم ماهر ، لهذا ظن الكثيرون أن "مازنجر"  مجرد تقليد لجريندايزر، بل وظهر بعده لأنه عرض في الوطن العربي بعد نجاح "جرندايزر" رغم أنه أنتج قبله.

اللطيف أن صناع المسلسل وعلى رأسهم "جو ناجاي" صنعوا حلقة خاصة، يستولي فيها الأشرار على "مازنجر" من المتحف ويحاربون به "جرندايزر"، لكن إصرار المستوردين والانتاج على فصل المسلسلين عن بعض منع المشاهدين العرب من مشاهدة تلك الحلقة حينها.

ليبقى كلا من "مازنجر" و"جرندايزر" ابطالا لن تنسى في ذاكرة أطفال السبعينات والثمانينات، قبل أن يظهر الفريق "أوميجا" ذو السيف الأحمر عام 2013.

أرشيفي الفني .. عادل إمام الذي لا يعرفونه

يعاني مثقفو مصر من حساسية شديدة تجاه كل فن أو فنان تحبه الجموع وترى فيه فنانا يعبر عنها ويقدم فنا يمثلها، ويعتبرون هذا mainsteream سيء السمعة لا يليق بثقافتهم وانفصالهمعن مجتمعهم، هذا تقريبا ماحدث مع الفنان عادل إمام، صاحب التجربة الإنسانية والفنية الفريدة في الصعود من القاع للقمة والاحتفاظ بالقمة لسنوات طويلة، الذي اعتبره المثقفون - خاصة بعد مواقفه السياسية - فنانا بلا قيمة وعشقه العالم العربي ونصبه زعيما فنيا لا ينازعه أحد على عرشه، وحيث أنه لا زعامة في الفن ولا نجاح واستمرارية بلا موهبة يبقى مشوار عادل إمام حلا للغز الخلاف.
****
"أن تقضي طفولتك في حي السيدة زينب في نهاية الأربعينيات وبداية الخمسينيات، فلابد أنك مع التحول الرهيب في مصر في هذه الفترة ستكتسب كل مؤهلات ابن البلد الحقيقي".. لا يمكن لفنان قضى طفولته وشبابه في أحد أعرق الأحياء الشعبية ألا يستطيع معرفة المزاج الشعبي العام، ويدرك من خلال ثقافته الذاتية كيفية تحقيقه وهو ما بدا واضحا في مسيرة عادل إمام، الذي قدم في السبعينيات ما فرضه عليه المنتجون خلال مرحلة الوصول إلى القمة، مستغلا قدرته اللامحدودة على الإضحاك في عصر الانفتاح حين كان الضحك للضحك وسيلة وغاية، وفي ثمانينيات القرن الماضي وبعد الغزو السينمائي الأمريكي عقب "كامب ديفيد" قدم إمام مجموعة من أفلام الحركة راسما للشعب المتلهف على بطل صورة البطل الشعبي الذي يستطيع الوصول إلى حقه عن طريق قبضة يده، منافسا نجوم أفلام الحركة في هوليوود  مثل "سيلفستر ستالوني" و"فان دام"، لم يهتم ساعتها عادل إمام بأن يصنع لنفسه جسدا يشبه أجساد أبطال أفلام الحركة الأمريكان أمام شعب كان أقصى طموحه في تلك المرحلة هو الخروج من "عنق الزجاجة" اقتصاديا، فقط كان هذا الشاب القصير خفيف الدم صاحب النظرة المعبرة للغاية بجسده النحيل غريب التكوين ممثلا عن ملايين الشباب الذين كانوا لا يتوقفون عن التصفيق له كلما انتصر في معركة من معاركه على أعدائه الأشرار الذين يسلبون حقه، كان عادل إمام تفريغا حقيقا لغضب الأغلبية الداخلي.
****
ويبقى الأكثر غرابة على الإطلاق أن يقدم عادل إمام افلاما مثل "الحب في الزنزانة" و"الحريف" و"حتى لا يطير الدخان" خلال الفترة ذاتها، وهي أفلام هامة في التاريخ السينمائي المصري والعربي ككل، ظهرت فيها موهبة عادل إمام التمثيلية في أبهى صورها، دون الحاجة لممارسة الألعاب الجماهيرية المحببة، وينتمي عادل إلى مدرسة تمثيلية خاصة تستخدم تعبيرات ملامح الوجه في توصيل أدق التفاصيل للمشاهد، ولا ينكر أحد أنه ناظر تلك المدرسة واستاذها، حيث يملك إمام قدرة غير عادية على تحريك ملامح وجهه والتعبير بها عن كل الحالات في سلاسة ويسر مبهرين.
كذلك قدم عادل إمام في التسعينيات مجموعة من أهم أفلامه وهي "الإرهاب والكباب" و"المنسي" و"الإرهابي" و"طيور الظلام"وسبقهم بـ"اللعب مع الكبار" في تحد واضح لنمط السينما التي كانت تلفظ أنفاسها خلال العقد الأخير من القرن الماضي من خلال اكتساح افلام الحركة والمخدرات والإغتصاب للسينما، لعب مع كاتبه المفضل وقتها وحيد حامد والمخرج شريف عرفة على تشريح الكجنمع المصري زأزماته الإجتماعية والسياسية، وكان نجاحه تجاريا إشارة إلى فنان يعرف طريقه جيدا، ومازال قادرا على قراءة المزاج الشعبي جيدا.
****
مع بداية الألفية الجديدة، واكتساح المضحكين الجدد، كان عادل إمام الذي روج البعض إلى نهايته يعرف - كالعادة - طريقه جيدا، وبقدرته غير العادية على قراءة المزاج الشعبي وإدراك المرحلة العمرية التي وصل إليها قدم مجموعة من أجمل افلامه الكوميدية من خلال دور الاب مثل "التجربة الدنماركية" و"عريس من جهة أمنية"، و"مرجان أحمد مرجان" ونجح من خلالها في مواجهة نجوم الجيل الجديد الذين تساقطوا واحدا بعد الأخر دون أي استمرارية.
وكان الفشل الذي واجه إمام في فيلم "بوبوس" علامة جديدة على أن البطل مازال قادرا على قراءة المزاج، ودون عناد أو مكابرة، نقل غايته وطريقه إلى الدراما التليفزيونية محققا نجاحات أخرى، بعد أن توقف عن تقديم السينما والمسرح الذي كسر فيه كل الأرقام القياسية باستمرار عروضه لسنوات طويلة.
*****
"إثارة الخلاف حولك .. في حد ذاته موهبة إن لم يكن مصطنعا"... لهذا يبقى هذا الشاب الذي لفت أنظار أستاذ الكوميديا الراحل فؤاد المهندس وعمل معه ومن خلال مسرحه، ثم قبل بعدها أن يعمل معه الكبير في أدوار ثانية، حالة فنية مختلفة ورائعة، ويبقى كذلك إحدى حلقات مسبحة الكوميديا الجميلة بعد نجيب الريحاني وعلي الكسار وإسماعيل ياسين وفؤاد المهندس وعبدالمنعم مدبولي، تراكا علامات على الطريق لا ينكرها محق، وتقول الاسطورة  أن البقاء على القمة يقتل، لكن فنانا بحجم وموهبة عادل إمام انتصر على تلك الأسطورة وبقى حيا ضاحكا مضحكا، وفنانا رائعا بعيدا تماما عن أي تقييم سياسي أو شخصي لفنان علاقة الجمهور به يجب ألا تتعدى الشاشة.

أرشيفي الفني ..حمزة علاء الدين..الموسيقي الذي سكن النغم

قد يروي التاريخ بعد 100 عام من الأن أن قلب النوبة الذي شكن مصر دُفن في تلال ضاحية "نافاتو"- Navato ، إحدى الأطراف الشمالية في مدينة سان فرانسيسكو بولاية كاليفورنيا في عام 2006، حيث دفن حمزة علاء الدين قلب السلم الخماسي النابض.
ذلك المزمار النوبي الذي اخترق العالمية بالفعل بموسيقاه عندما طرحت له شركة "Vanguard"، إحدى كبريات شركات الإنتاج الموسيقي أول إصداراته بعنوان "موسيقى النوبة" عام 1965، ثم أسطوانته الثانية باسم "إسكاليه" أي "الساقية" بالنوبية عام 1971، ويضع الموسيقى التصويريّة لعدد من الأفلام الأمريكيّة أهمّها فيلم “The Black Stallion” للمخرج فرانسيس فورد كوبولا عام 1979.
*****
في توشكى حيث تتراص البيوت البيضاء المكونة من دور واحد على مسافات متقاربة وليست حميمية، حيث تستطيع الشمس مداعبة كل غرفات المنزل الفسيح، ولا تتلصص العيون بقدر المسموح نشأ حمزة طفلا وخاض مراهقته في النوبة القديمة بكل تراثها الثقافي والموسيقي، لكنه دائما ما وجد نفسه منجذبا إلى آلتي العود والطار النوبية، وكأنه لم ينس أبداً أن صوت تلك الألات هو الوحيد الذي بقى في خلفية غرق قريته عام 60، حين غادرها مع أسرته بعد انشاء السد العالي.
رحلت الذكريات والمشاهد، ودفء الأمكنة وبقيت النغمات تحمل في أثيرها عبق ذكرياته.
وفي القاهرة حين جاء حمزة علاء الدين إلى القاهرة لدراسة هندسة الكهرباء بجامعة الملك فؤاد (القاهرة حاليا) ليعمل بعدها بسكك حديد مصر، بدأ دراسة الموشحات في معهد إبراهيم شفيق للموسيقى ثم ألتحق بعده بمعهد الملك فؤاد للموسيقى الشرقية (معهد الموسيقى العربية الآن) لدراسة آلة العود والموسيقى العربي، كان وجوده في سكك حديد مصر إشارة لاعتياد السفر وكسر حدته لدى من تعلق في بالأرض وكره الغربة، وكانت هجرته الأولى من أجل سد عالي قد كسرت سدا قديما لدى روحه بالتمسك بالأرض.
وفي أول فرصة لدراسة الموسيقى وسكنى أرضه من جديد خلال نغمات السلم الخماسي سافر حمزة علاء الدين إلى إيطاليا، للدراسة في أكاديمية سانت سيسيليا بروما، والتي حصل بعدها على منحة لدراسة الموسيقى الغربية في الولايات المتحدة الأمريكية.
*****
كان حمزة علاء الدين يعود إلى الوطن كلما احتضن الدّف (الطار) النوبيّ، وربما كان الطار نفسه يسكن وطنه عندما تلامسه يدا حمزة فتخرج منه الأصوات المتفرّدة التي تصدر من القرع على مختلف أقطاره الدائرية، ليكسر رتابة كونه مجرد ألة إيقاع، مؤكدا أنه عندما تتداخل إيقاعاته الثلاث الأساسيّة (يقوم الغناء النوبي على إيقاع ثلاثة دفوف) يخرج جملاً موسيقيّة كاملة ذات نفاذ وتطريب عاليين، وبالذات على يد المغني الأوّل الذي تتكئ موهبته الغنائيّة، إلى جانب قوّة صوته، على تمرّسه وقدراته على تطويع كفه وأنامله في القرع على الجلد المشدود، ثم أسلوبه في معالجته للطّار.
كان النوبي العاشق يعمل أستاذاً للموسيقى بجامعة أوستن بولاية تكساس، وكان شاغله الشغل الغوص في كل مقامات الموسيقى العربية ومتابعة جديدها وقديمها للخروج بتفاصيل الموسيقى المصرية الاصيلة التي صنعها الأجداد، وفى الثمانينيات أقام حمزة لفترة في اليابان حيث كان قد حصل على منحة دراسية لدراسة أوجه الشبه بين آلة العود الشرقية وآلة بيوا اليابانية وهى آلة تشبه العود، حيث التقى بزوجته اليابانيّة التي اتخذت الاسم النوبي الشهير "نبرا" (وتعني الذهب الخام بالنوبيّة)، وهي موسيقيّة قاسمته حياته حتى وفاته...فقط في كل مرة لم تهمه أرض السكن، كانت موسيقاه وطنا يحميه من الشجن.

 *****
يقول المختصون أن أعظم ما تركه لنا حمزة علاء الدين، فضلاً عن إبداعاته الفنيّة المتمثّلة في أعماله الموسيقيّة والغنائيّة، هو أن الإيقاعات النوبية ومعظم الفولكلور الغنائي النوبي صارتا معلماً بارزاً في علم الموسيقى الأثني، وهي مدونة في "Note" موسيقيّة علميّة ضمن مناهج التدريس في مختلف المعاهد الموسيقيّة والجامعات العالميّة، إضافة إلى الرقصة النوبيّة الجماعيّة المعروفة بـ"أولن أراقيد" .
إلا أن عاشق الفن الذي عمل يوما كومبارسا ضمن مجاميع فيلم "كليوباترا" الشهير (1963) بروما فقط من اجل الفن، والذي ترك لنا 14 أسطوانةً، كانت حياته سيمفونية موسيقية خاصة، وهو الذي يبدأ يومه صباحا عقب الإفطار بارتجال موسيقى "الجاز" بحثا عن السعادة.
وحين عاد إلى مصر في زيارته الأخيرة عام 2000 لحضور ندوة في دار الأوبرا، لم يستشعر الفنان النوبي متعة العودة للوطن، فقط أنهى مهمته وعاد مرة أخرى للولايات المتحدة لسكنى الطار والعود، ونغمات السلم الخماسي، وإلتهام أكبر قدر ممكن من الموسيقى التي تملأ روحه، بنفس الروح الصوفية التي ورثها من أجداده الصوفيين.
وقبل الرحيل حين اشتد الخلاف حول جنسيته قالها: "أنا نوبي في المقام الأوّل، ولكنّني أيضاً مصريّ سودانيّ بذات القدر والمقام، وإيطالي أمريكي ياباني بسبب أنني عشت في كل هذه البلاد. لقد كنت موسيقيّاً نوبيّاً أعزف وأغني لأهلي النوبيين، وإلى الآن ما زلت ذلك الموسيقي النوبي الذي يعزف ذات الأنغام والترانيم الموسيقيّة للعالم أجمع".
رحل حمزة ودفن جسده في الولايات المتحدة وبقيت روحه نغمة نوبية صارخة راقصة تدور العالم بحثا عن الوطن.